تميّز الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله بدقة النظر وعمق التحقيق، فلم يكن يقتصر في نقده على الكتب والمصنفات بعينها، بل كان يحذّر أحيانًا من أشخاص وفرق اشتهروا بالوضع والتدليس أو بالغلو والانحراف، حتى لو لم يذكر أسماء كتبهم بالتحديد. فقد أدرك أن خطورة هؤلاء لا تكمن في مصنفاتهم فقط، بل في منهجهم الفكري والعقدي الذي قد يضل به العوام ويُلبِّس على طلبة العلم. وفي هذا المقال نسلط الضوء على جملة من الأسماء والفرق التي حذّر منها الذهبي دون تصريح مباشر بمصنفاتها، مع بيان الأسباب التي دفعته لذلك.

أسماء أشخاص أو فرق حذّر منهم الذهبي دون تحديد مصنفات

البكري القصّاص

قال الذهبي: "القصاص الكذاب".

وقال: "لا يستحيي من كثرة الكذب الذي شحن به مجاميعه وتواليفه". وذكر من كتبه: ضياء الأنوار، رأس الغول، شر الدهر، كلندجة، حصن الدولاب، والحصون السبعة. ووصفه بأنه "أكذب من مسيلمة".

الحرالي / أبو الحسن علي بن أحمد الأندلسي

قال الذهبي: "عمل تفسيرًا عجيبًا ملأه باحتمالات لا يحتملها الخطاب العربي، وتكلم في علم الحروف والأعداد، وزعم أنه استخرج منه وقت خروج الدجال وطلوع الشمس من مغربها".

 

 الرافضة

قال الذهبي عن نسخ موضوعة نُسبت إلى عليّ بن موسى الرضا: "كذبوا عليه وافتعلوا نسخًا سائرها الكذب"، ومنها أحاديث منكرة كحديث: السبت لنا، والأحد لشيعتنا وحديث: ادهنوا بالبنفسج فإنه بارد في العين حار في الشتاء. وأكد أنها أحاديث أباطيل من وضع الضلّال.

 عبد المغيث بن زهير

قال الذهبي: "قد ألف جزءًا في فضائل يزيد بن معاوية أتى فيه بعجائب وأوابد، لو لم يؤلفه لكان خيرًا". وأشار إلى أنه ألفه ردًا على ابن الجوزي، فزاد الطين بلة.

 الفارابي / أبو نصر محمد التركي الفارابي المنطقي

قال الذهبي: "له تصانيف مشهورة، من ابتغى الهدى فيها ضل وحار، ومنها تخرج ابن سينا".

الفاطميون (العبيديون الباطنيون)

قال الذهبي: "قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض، وأبطنوا مذهب الإسماعيلية، وبثوا الدعاة يستغوون الجبلية والجهلة".

ولهم "البلاغات السبعة"، التي تبدأ بالرفض للعوام، وتنتهي بالناموس الأعظم الذي يهدم الشرائع ويبيح المحظورات.

 فخر الدين الرازي / محمد بن عمر البكري الطبرستاني

قال الذهبي: "قد بدت منه في تواليفه بلايا وعظائم وسحر وانحرافات عن السنة، والله يعفو عنه".

الخاتمة

إن تتبع الذهبي لهؤلاء الأشخاص والفرق، وتحذيره من خطورة كتبهم أو مناهجهم، يكشف عن بصيرة نافذة وحسٍّ عالٍ بالمسؤولية العلمية تجاه الأمة. فالمكتبات قد تمتلئ بمصنفات تحمل أسماء عظيمة، لكن ليس كل ما يكتب حقًا، وليس كل ما يُنشر علمًا نافعًا. لذا كان الذهبي رحمه الله ينقض الكذب، ويهتك الأباطيل، ويكشف زيغ المنحرفين، ليبقى الميزان صافياً لأهل السنة والجماعة، بعيدًا عن أباطيل القصاصين والفلاسفة والوضّاعين.