الروايات الصحيحة في كتب أهل السُّنَّة والجماعة عن المهدي
المقدِّمة
الحمد لله الذي أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها نعمته، وجعل لها من نبيِّها صلَّى الله عليه وسلَّم بيانًا شافيًا في أمر دينها ودنياها، فلم يترك خيرًا إلا دلَّها عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرها منه. ومن جملة ما بشَّر به النبي ﷺ أمته: خروج المهدي في آخر الزمان، ليملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما مُلِئت ظلمًا وجورًا، ويكون نزول عيسى عليه السلام في زمنه، فيصلِّي خلفه تكريمًا لهذه الأمة.
وقد وردت في ذلك أحاديث صحيحة متعدِّدة في الصحيحين والسنن والمسانيد وغيرها، حتى صرَّح جمع من أهل العلم بتواترها.
وفي هذا المقال نستعرض أبرز الروايات الصحيحة في كتب أهل السُّنَّة والجماعة حول المهدي المنتظر.
أوَّلًا: أحاديث نزول عيسى وصلاته خلف إمام من هذه الأمة
1- صحيح البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء – باب نزول عيسى بن مريم عليه السلام)
حدَّثنا ابن بكير، حدَّثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أن أبا هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
«كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم».
قال ابن حجر في فتح الباري: هذا دليل على أن عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان فيصلي خلف إمام من هذه الأمة.
2- صحيح مسلم (كتاب الإيمان – باب نزول عيسى بن مريم حاكمًا بشريعة نبينا ﷺ)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
«كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم».
3- مسند أحمد (مسند أبي هريرة)
عن النبي ﷺ قال:
«كيف بكم إذا نزل فيكم عيسى بن مريم وإمامكم منكم».
4- مسند أحمد (مسند جابر بن عبد الله)
قال رسول الله ﷺ:
«… ثم ينزل عيسى ابن مريم، فيقال: تقدَّم يا روح الله، فيقول: ليتقدَّم إمامكم فليصل بكم».
5- سنن ابن ماجه (كتاب الفتن)
قال النبي ﷺ عن نزول عيسى:
«… فيقول له الإمام: تقدَّم، فيضع عيسى يده بين كتفيه ويقول: تقدَّم فإنها لك أُقيمت».
قال الإمام الآبدي: تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة، وأن عيسى عليه السلام يصلِّي خلفه.
ثانيًا: أحاديث خروج المهدي وصفاته
1- مسند أحمد (مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه)
قال رسول الله ﷺ:
«المهدي منَّا أهل البيت، يُصلحه الله في ليلة».
2- مسند أحمد (مسند عبد الله بن مسعود)
قال رسول الله ﷺ:
«لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي».
3- سنن الترمذي (كتاب الفتن – باب ما جاء في المهدي)
عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي».
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
4- سنن أبي داود (كتاب المهدي)
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
«المهدي من عترتي من ولد فاطمة».
5- مسند أحمد (مسند أبي سعيد الخدري)
قال رسول الله ﷺ:
«تملأ الأرض ظلمًا وجورًا، فيخرج رجل من عترتي يملؤها قسطًا وعدلًا».
6- سنن أبي داود (كتاب المهدي)
قال رسول الله ﷺ:
«المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت جورًا وظلمًا، يملك سبع سنين».
ثالثًا: أقوال العلماء في أحاديث المهدي
-
قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: الأحاديث الواردة في نزول عيسى وصلاته خلف إمام من هذه الأمة ثابتة في الصحيح.
-
وقال ابن كثير في تفسيره: قد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ بخروج المهدي وأنه من أهل بيته.
-
وقال الألباني في السلسلة الصحيحة: الأحاديث الواردة في المهدي صحيحة، بل بلغت حد التواتر.
الخاتمة
إنَّ الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي ﷺ تدلُّ بوضوح على أن المهدي حقٌّ، وهو من أهل بيت النبي ﷺ من ولد فاطمة رضي الله عنها، وأنه يخرج في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلًا، ويصلي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه تكريمًا لهذه الأمة. وقد نقل غير واحد من أهل العلم تواتر هذه الأحاديث، مما يجعل الإيمان بخروج المهدي من عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة.