يشيع بين بعض الكتّاب من الشيعة مزاعم متكررة تهدف إلى تشويه التاريخ الإسلامي وإعادة صياغته لخدمة أغراض مذهبية، ومن أبرز هذه المزاعم الادعاء بأنهم يمتلكون تراثًا حديثيًا مستقلًا أو أنهم سبقوا أهل السنة في تأسيس علوم الرواية والدراية. والحقيقة التي تؤكدها المصادر التاريخية أنّ الشيعة - باعتبارهم فرقة ضالّة خرجت عن منهج الإسلام الصحيح - اعتمدوا على وضع روايات باطلة وتأويلات منحرفة لبناء منظومتهم العقدية، بل تأخروا قرونًا عن أهل السنة في تدوين علم الحديث.
هذا المقال يقدّم عرضًا علميًا موثقًا يثبت بالأدلة اعتراف كبار علمائهم أنفسهم بأن أهل السنة هم الذين أسسوا علم الحديث وأنّ الشيعة لم يضعوا هذا العلم إلا بعد قرون، بل استفادوا كاملاً من كتب أهل السنة في منهج التصنيف والضبط والاصطلاح.
اعتراف شيعي بتفوق أهل السنة في تأسيس علم الحديث
قال عبد الهادي الفضلي:
"إذا رجعنا إلى تاريخ التشريع الإسلامي لمعرفة متى وُضع علم الحديث عند أهل السنة، ومتى وُضع علم الحديث عند الشيعة – ويُعرف هذا عادة بأول كتاب أُلّف في هذا العلم – سوف نرى أن أول كتاب ظهر لأهل السنة في فن (مصطلح الحديث) – كما يعبّرون عنه – هو كتاب المحدّث الفاضل بين الراوي والواعي للقاضي أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلّاد الرامهرمزي المتوفى سنة 360هـ.
وذكرتُ فيما تقدم أن أقدم مؤلّفٍ إماميٍّ في هذا العلم أُشير إليه هو كتاب شرح أصول دراية الحديث للسيد علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد النجفي النيلي، من علماء المائة الثامنة. وهذا يعني أن أهل السنة كانوا أسبق تاريخيًا في تدوين علم الحديث."
ويضيف الفضلي:
"ومن المعروف تاريخيًا أنّ المتأخر يستفيد من تجارب المتقدم منهجيًا وفنيًا، وهذا ما لاحظناه في كتاب الدراية للشهيد الثاني، وهو أقدم كتاب في علم الحديث وصل إلينا. فقد تأثر منهجيًا وفنيًا بمؤلفات علماء السنة في علم الحديث، وأدى هذا التأثر إلى أن يذكر من أقسام الحديث ما لا مصاديق له في حديثنا، مثل بعض أقسام الضعيف.
ومع أنه أبقى مثل هذه إلا أنه – من ناحية أخرى – أجاد في إضافته ما هو موجود عندنا غير موجود عندهم، كالموثق والمضمر وغيرهما."
أصول الحديث – الدكتور عبد الهادي الفضلي – ص 95–96.
أولًا: سبق أهل السنة في تدوين علم الحديث:
يوضح الفضلي بجلاء أن أول كتاب في مصطلح الحديث عند أهل السنة ظهر في القرن الرابع الهجري، بينما لم يظهر عند الشيعة أي مصنف منهجي إلا في القرن الثامن، أي بعد حوالي أربعة قرون كاملة.
ثانيًا: الشيعة وتأثيرهم الكامل بمدارس الحديث عند أهل السنة:
حتى أول كتاب شيعي وصل إلى عصرنا — وهو دراية الحديث للشهيد الثاني — ليس إلا امتدادًا لمنهج أهل السنة وتعريفاتهم، بل نقل عدة أقسام لا وجود لها في روايات الشيعة.
ثالثًا: أقسام لا وجود لها في حديث الشيعة:
اعترف الفضلي أن بعض أقسام الضعيف التي ذكرها الشهيد الثاني "لا مصاديق لها" في روايات الشيعة، مما يعني أنها نُقلت من كتب السنة دون تحقق من ملاءمتها للمذهب.
رابعًا: إضافات شيعية لاحقة: الموثق والمضمر:
هي إضافات متأخرة جاءت لسد الفراغ الناتج عن اعتمادهم على منهج أهل السنة دون توفر النصوص اللازمة لتطبيق تلك الأقسام.
الشبهة والرد
الشبهة
يدّعي بعض الشيعة أنهم يمتلكون علمًا خاصًا في الحديث مستقلًا عن أهل السنة، وأن لهم منهجًا خاصًا في توثيق الرجال وتصنيف الأخبار.
الرد:
الرد يأتي من علمائهم أنفسهم:
1) أول كتاب شيعي في هذا العلم جاء متأخرًا أربعة قرون كاملة بعد أول كتاب سني.
2) أقدم كتاب شيعي وصلنا مأخوذ بالكامل عن كتب أهل السنة في المنهج والمصطلحات.
3) بعض أقسام الحديث المذكورة في كتبهم لا وجود لها أصلاً في روايات الشيعة كما اعترف الفضلي.
4) الشيعة اعتمدوا على إضافات اصطلاحية لاحقة لتعويض النقص في منظومتهم الروائية.
إذن، لا يمكن الادعاء بأن للشيعة منهجًا حديثيًا مستقلًا أو أصيلًا، والأدلة على ذلك من كتبهم قبل كتب أهل السنة.
المصادر:
- أصول الحديث – د. عبد الهادي الفضلي – ص 95–96.
- المحدث الفاضل بين الراوي والواعي – الرامهرمزي.
- كتب الدراية والرجال عند الشيعة: الشهيد الثاني – علي بن عبد الكريم النيلي.