تُعرف فرق الضلال مثل الروافض بمحاولتها اختلاق أحاديث أو تحريف النصوص الدينية لتحقيق أغراض سياسية وعقائدية بعيدة عن الإسلام الصحيح. وقد حذّر كبار العلماء من نقل العلم عنهم أو الاعتماد على أحاديثهم، لأنها ليست مصدرًا موثوقًا، وقد تُدخل الناس في شبهات وبدع. يتناول هذا المقال ما ورد عن الإمام مسلم بن الحجاج وابن تيمية رحمهما الله حول الأخطاء غير المقصودة في نقل الحديث عن الصالحين، وأهمية التحقق قبل الأخذ بأي حديث، مع بيان الفرق بين أهل السنة والرافضة.
أولًا: قول الإمام مسلم بن الحجاج
قال الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج ـ رحمه الله ـ:
وحدثني محمد بن أبي عتاب، قال: حدثني عفّان، عن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، عن أبيه، قال: «لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث» [ص:18]
قال ابن أبي عتاب:
فلقيت أنا محمد بن يحيى بن سعيد القطان، فسألته عنه، فقال: عن أبيه، «لم تر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث».
قال مسلم: "يقول: يجري الكذب على لسانهم، ولا يتعمدون الكذب" اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ـ رحمنا الله وإياه ـ
لكن كثير من العباد لا يحفظ الأحاديث ولا أسانيدها فكثيرا ما يغلطون في إسناد الحديث أو متنه ولهذا قال يحيى بن سعيد ما رأينا الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث يعني على سبيل الخطأ وقال أيوب السختياني إن من جيراني لمن أرجو بركة دعائهم في السحر ولو شهد عندي على جزرة بقل لما قبلت شهادته ولهذا يميزون في أهل الخير والزهد والعبادة بين ثابت البناني والفضيل ابن عياض ونحوهما وبين مالك بن دينار وفرقد السبخي وحبيب العجمي وطبقتهم وكل هؤلاء أهل خير وفضل ودين والطبقة الأولى يدخل حديثها في الصحيح ، وقال مالك بن أنس رحمه الله أدركت في هذا المسجد ثمانين رجلا لهم خير وفضل وصلاح كل يقول حدثني أبي عن جدي عن النبي صلى الله عليه وسلم لم نأخذ عن أحد منهم شيئا وكان ابن شهاب يأتينا وهو شاب فنزدحم على بابه لأنه كان يعرف هذا الشأن ، هذا وابن شهاب كان فيه من مداخلة الملوك وقبول جوائزهم ما لا يحبه أهل الزهد والنسك والله يختص كل قوم بما يختاره . ا هـ
الاستقامة (1/ 201ـ202)
ثانيًا: تفسير قول مسلم
◘ يقصد الإمام مسلم أن الصالحين قد يخطئون في نقل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا الخطأ يكون غير مقصود، أي أنه خطأ من النسيان أو ضعف الحفظ، وليس كذبًا متعمدًا.
◘ يشير ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى أن كثيرًا من العباد لا يحفظون الأحاديث ولا أسانيدها تمامًا، فيغلطون أحيانًا في الإسناد أو المتن، لكن هذا لا ينقص من شأنهم عند الله.
◘ وقد ذكر ابن تيمية بعض الأمثلة لعلماء الصلاح والفضل، مثل ثابت البناني، والفضيل بن عياض، ومالك بن دينار، وحبيب العجمي، ومالك بن أنس، وعبد الله بن شهاب الزهري، مؤكّدًا أنهم أهل خير وفضل ودين، وأن خطأهم في النقل لا يخرج حديثهم عن الصحة في الصحيحين إذا استوفوا شروط التثبت.
الشبهة والرد عليها:
الشبهة:
يظن بعض المغالطين أن كل من أخطأ في نقل الحديث هو كاذب أو ضعيف، ويستدلون بذلك على عدم صحة ما ورد عن الصالحين أو حتى عن الثقات.
الرد:
◘ قول الإمام مسلم وابن تيمية يوضّح أن الخطأ غير المقصود لا يُعد كذبًا، وأن الصالحين قد يخطئون في الحفظ أحيانًا، لكنهم يحاولون الصدق والاجتهاد.
◘ أهل العلم يفرّقون بين الكذب المتعمد والتحريف، وبين الخطأ غير المقصود، وهذا أساس التثبت في قبول الأحاديث.
◘ مقارنة بالروافض، الذين قد يضعون الحديث ويتخذونه دينًا، نجد الفرق بين الأخذ عن أهل الحق ومن يخالفون منهج الصدق والتحري.
المصادر:
◘ الاستقامة، ابن تيمية، ج1 ص201-202، دار الفكر، بيروت.
◘ ميزان الاعتدال، محمد بن سعد الأصبهاني، ج1 ص27، تحقيق: دار الكتب العلمية، بيروت.
◘ تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، ج8 ص458، دار المعرفة، بيروت.