منذ فجر التاريخ، كان التوحيد هو الأصل الذي فطر الله عليه البشر، لكن الشيطان ما زال يسعى لإضلال الناس عن عبادة الله وحده. وتكشف الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت، وعن كبار المفسرين من علماء الشيعة، قصة نشأة عبادة الأصنام في الأرض، والتي بدأت من حب الناس للصالحين بعد وفاتهم، ثم تطورت تدريجيًا بفعل وسوسة إبليس حتى تحولت إلى شرك وعبادة لغير الله. وتوضح هذه النصوص كيف أن الانحراف العقائدي قد يبدأ من نية صالحة، لكنه ينتهي إلى الضلال إذا تهاون الناس في حماية التوحيد من البدع والابتداع.

(باب 3 - العلة التي من أجلها عبدت الأصنام)

1 - أبى رحمه الله قال:

حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى قال: حدثني محمد بن خالد البرقي قال: حدثني حماد بن عيسى عن حريز ابن عبد الله السجستاني عن جعفر بن محمد عليهما السلام، في قوله الله عز وجل ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾. 

مقالات السقيفة ذات صلة:

الشرك في توحيد الربوبية عند الشيعة الإمامية

الرد على أصل التوحيد عند الأشاعرة .

الاحتياط في التوحيد

مظاهر الشرك في العقيدة الشيعية وأثرها على التوحيد

قال: كانوا يعبدون الله عز وجل فماتوا، فضج قومهم وشق ذلك عليهم فجاءهم إبليس لعنه الله.

فقال لهم: اتخذ لكم أصناما على صورهم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله فأعد لهم أصناما على مثالهم فكانوا يعبدون الله عز وجل وينظرون إلى تلك الأصنام، فلما جاء هم الشتاء والأمطار أدخلوا الأصنام البيوت فلم يزالوا يعبدون الله عزوجل حتى هلك ذلك القرن ونشأ أولادهم فقالوا: ان آباءنا كانوا يعبدون هؤلاء فعبدوهم من دون الله عزوجل فذلك قول الله تبارك وتعالى ﴿وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا

(علل الشرائع 1/3)..

وقال المجلسي:

«﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [ نوح: 23].

قال: كان قوم مؤمنون قبل نوح عليه السلام [يعبدون الله] فماتوا فحزن عليهم الناس فجاء إبليس فاتخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فأنسوا بها»

(بحار الأنوار3/248-250 و9/243 تفسير القمي2/387).

قال الطبرسي في مجمع البيان «وقيل:

 إن هذه أسماء قوم صالحين، كانوا بين آدم ونوح عليه السلام، فنشأ قوم بعدهم يأخذون أخذهم في العبادة، فقال لهم إبليس: لو صورتم صورهم، كان أنشط لكم، وأشوق إلى العبادة. ففعلوا فنشأ بعدهم قوم فقال لهم إبليس: إن الذين كانوا قبلكم، كانوا يعبدونهم، فعبدوهم. فمبدأ عبادة الأوثان كان ذلك الوقت»

(تفسير مجمع البيان10/137).

عن جعفر بن محمد عليهما السلام:

 في قول الله عزوجل: ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: 23].

قال: كانوا يعبدون الله عزوجل فماتوا فضج قومهم، فشق ذلك عليهم، فجاءهم ابليس لعنه الله فقال لهم: أتخذ لكم اصناما على صوركم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم و تعبدون الله، فأعد لهم أصناما على مثالهم»

(تفسير نور الثقلين الشيخ الحويزي 5/425).