"استكمالًا لهذه السلسلة التي نعرض فيها نماذج من كتبٍ نسبها الشيعة إلى أهل السنة زورًا وبهتانًا، نتابع في هذا المقال عرض نموذج جديد من أقوال بعض الكتّاب وبيان حقيقة الأمر."

إنَّ من أخطر أساليب أهل الأهواء عبر التاريخ محاولتهم التلبيس على عوام المسلمين، وذلك بنسبة كتبٍ ومؤلفاتٍ إلى علماء ومصنفين من أهل السُّنَّة والجماعة، ليجعلوا منها سُلَّمًا لترويج عقائدهم الباطلة وشبهاتهم المنحرفة. وقد استغلَّ الشيعة الروافض على وجه الخصوص هذا الباب، فألصقوا ببعض العلماء كتبًا لا تخلو من الغلوّ والموضوعات المكذوبة في فضائل أئمتهم، ليُظهروا أنَّ في تراث أهل السنة ما يعضد عقائدهم. والحقيقة أن كثيرًا من هؤلاء المؤلفين قد وُصموا بالرفض أو الميل، أو نُسبت إليهم مؤلفات امتلأت بالمناكير والأحاديث الموضوعة، وهو ما نبَّه إليه كبار الأئمة كابن حجر والذهبي وغيرهما. وفي هذا المقال نسلط الضوء على نماذج من هؤلاء المصنفين والكتب التي يستشهد بها الشيعة، مع بيان حقيقة مؤلفاتهم والتحذير من الاعتماد عليها في الدين.

حيث نسب الشيعة أسماء كتب ومؤلفين يزعم الشيعة الروافض أنها لأهل السنة يخرجوا منها الشبهات ليخدعوا بها شباب أهل السنة.

وليُثبتوا بها عقيدة عوامِّ الشيعة بأنَّ في كتب أهل السُّنَّة ما يؤكِّد صحة دين الشيعة الرَّوافض.

الخوارزمي الحنفي:

واسمه: الموفق بن أحمد بن أبي سعيد إسحاق بن المؤيد المكي الحنفي، المعروف بأخطب خوارزم.
وهو معتزلي تتلمذ على يد الزمخشري.

وهو رافضي يستقي أكاذيب كثيرة من دجالين كذَّابين، أمثال ابن شاذان الرافضي ومحمد بن عبد الله البلوي، وقد نبَّه على ذلك الحافظان الذهبي وابن حجر.

من مقالات السقيفة:

قال الذهبي في المنتقى من منهاج الاعتدال (1/477):

«وقد حشا تأليفه بالموضوعات».

حيث قال: «ولقد ساق أخطب خوارزم من طريق هذا الدجال ابن شاذان أحاديث كثيرة باطلة سمجة ركيكة في مناقب السيد علي رضي الله عنه، من ذلك بإسناد مظلم عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: من أحب عليًّا أعطاه الله بكل عرق في بدنه مدينة في الجنة».

(انظر: ميزان الاعتدال 6/55، لسان الميزان 5/62، كشف الحثيث 1/218 لأبي الوفا الحلبي).

ومن مروياته الباطلة حديث:

«يا علي، لو أن عبدًا عبد الله ألف عام، وكان له مثل أُحد ذهبًا فأنفقه في سبيل الله، وحج ألف سنة على قدميه، ثم قُتل بين الصفا والمروة مظلومًا، ثم لم يُوالِكَ لم يرح رائحة الجنة ولم يدخلها» رواه أخطب خوارزم.

(انظر: ميزان الاعتدال 6/206، الكشف الحثيث 1/235).

وهذا يلزم أن من تولى أبا بكر وعمر وعثمان من أهل النار. ووالله، هذا هو الرَّفض بعينه.

محمد بن طلحة الشافعي (زعموا)

قال الشيخ شمس الدين في ترجمته:

«وسمع بنيسابور من المؤيَّد الطوسي.. ودخل في شيء من الهذيان والضلال، وعمل دائرة للحروف، وادَّعى أنه استخرج علم الغيب وعلم الساعة. تُوفِّي بحلب سنة اثنتين وخمسين وست مائة، وقد جاوز السبعين»

(الوافي بالوفيات 3/146).

من تآليفه كتاب:

 الدُّر المنظَّم في السِّر الأعظم المعظَّم للشيخ كمال الدين أبي سالم محمد بن طلحة العدوي الجُفَّار الشافعي، المتوفى سنة 652هـ (اثنتين وخمسين وستمائة).

مختصر الوه: «الحمد لله الذي اطَّلع من اجتباه من عباده الأبرار على خبايا الأسرار إلخ».
ذكر فيه أن له أخًا صالحًا كشف له في خلوته عن لوح شاهده، فأخذه فوجده دائرة وحروفًا، وهو لا يعرف معناها. فلمَّا أصبح نام فرأى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وهو يعظِّم هذا اللوح، ثم قال له أشياء لم يفهمها، وأشار إلى كمال الدين أن يشرحه. فحضر ذلك الرجل عنده، وعرف الواقعة وصورة الدائرة، فعلق هذه الرسالة عليها، فاشتهر بـ «جفر بن طلحة».

وقال البوني في شمس المعارف الكبرى:

إن هذا الرجل الصالح قد اعتكف ببيت الخطابة بجامع حلب، وكان أكثر تضرعه إلى مولاه أن يُريه الاسم الأعظم، فبينما هو كذلك ذات ليلة وإذا بلوح من نوره فيه الأشكال مصوَّرة، فأقبل على اللوح يتأمله، وإذا هو أربعة أسطر، وفي الوسط دائرة، وفي الداخل دائرة أخرى.

وذكر البسطامي أن ذلك الرجل هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن الحسن الأخميمي، وأن تلميذه ابن طلحة استنبط من إشارات رموزها على انقراض العالم، لكن على سبيل الرمز. وقد كشف أستار معانيه الشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الكريم بن سالم بن الخلال الحمصي سنة 662هـ (اثنتين وستين وستمائة).

وذكر فيه أن المفهوم من صريح خطابه بالصناعة الحرفية التي عليها مدار هذه الدائرة: أن العدد إذا بلغ إلى تسعمائة وتسعين يكون آخر أيام العالم. انتهى.

أقول: وقد مضى ذلك الزمان ولم يكن آخر الأيام، ولله الحمد. وبمثل هذه الأقوال قوي سوء الظن في أمثاله، إلا أن يُقال مراده غير هذا.

(كشف الظنون 1/734).

نور الدين علي بن محمد بن الصبَّاغ المالكي

«الفصول المهمَّة في معرفة الأئمة وفضلهم ومعرفة أولادهم ونسلهم» للشيخ المكِّي المتوفى سنة 855هـ (خمس وخمسين وثمانمائة).

وأراد بالأئمة: الاثني عشر الذين أوَّلهم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وآخرهم الإمام المهدي المنتظر.

وعقد لكلٍّ منهم فصلًا، وفي الأئمة الثلاثة الأوائل فصولٌ أيضًا.

وقد نسب بعضهم المصنِّف في ذلك إلى التَّرَفُّض، كما ذكره في خطبته، أوَّلها:

«الحمد لله الذي جعل من صلاح هذه الأمة نصب الإمام العادل إلخ».

كشف الظنون 2/1271

يوسف بن قِزغلي أبو المظفَّر سبط ابن الجوزي:

قال الذهبي: «روى عن جده وطائفة، وألَّف كتاب مرآة الزمان، فتراه يأتي فيه بمناكير الحكايات، وما أظنه بثقة فيما ينقل، بل يَجْنَف ويُجازف، ثم إنه تَرَفَّض، وله مؤلَّف في ذلك، نسأل الله العافية .مات سنة أربع وخمسين وستمائة بدمشق».

قال الشيخ محيي الدين السوسي:

«لما بلغ جدي موت سبط ابن الجوزي قال: لا رحمه الله، كان رافضيًّا».

قلت: كان بارعًا في الوعظ، ومدرِّسًا للحنفية.

ميزان الاعتدال 7/304.

غير أن الذهبي اطَّلع على كتاب له، تبيَّن له منه أنه رافضي وليس سنِّيًّا.

سير أعلام النبلاء 23/297.