تعد قضايا عدد سور القرآن وترتيبها من المسائل الدقيقة التي تعكس مستوى الالتزام بنصوص الوحي لدى الفرق الإسلامية. ورغم إجماع المسلمين على حفظ القرآن وتواتره، إلا أن هناك بعض الآراء الغريبة التي ظهرت في أوساط بعض علماء الشيعة الإمامية (الرافضة)، ومنها القول بأن سورتي الضحى والانشراح هما في الحقيقة سورة واحدة، وكذلك الفيل ولإيلاف. وتبرز هذه الأقوال في كتبهم الفقهية والتفسيرية، مع وجود خلاف بينهم في مسألة البسملة، هل تُقرأ بين السورتين أم لا، ما يضعف من دعوى إجماعهم المزعوم على وحدة المصحف. هذا المقال يتتبع أقوال كبار علمائهم كالحلي، والخوئي، والبهائي، والمجلسي، وغيرهم، ليكشف مدى التخبط والاختلاف بينهم حول هذه المسألة الجوهرية، والتي لو كانت عند غيرهم لحُكم عليهم بالكفر، فكيف يسوغون لأنفسهم ما يكفرون به غيرهم؟!
وهل نسي الرافضة أنهم مختلفون في عدد السور، وليس في البسملة فقط.
وإليك بيان ذلك:
قال الحلي:
«روى أصحابنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة وكذا الفيل ولإيلاف، فلا يجوز إفراد إحداهما من صاحبتها في كل ركعة. ولا يفتقر إلى البسملة بينهما على الأظهر»
(شرائع الإسلام1/66).
وقال بأن: « الضحى والإنشراح سورة، والفيل ولإيلاف سورة: ولا بسملة بينهما»
(الجامع للشرائع ص81 يحيى بن سعيد الحلي).
وقال: « والضحى وألم نشرح سورة واحدة وكذلك الفيل ولإيلاف وتجب البسملة بينهما على رأي»
(قواعد الأحكام 1/273 للحلي).
ونقل الحلي عن الاستبصار أن سورتي الضحى والإنشراح عند آل محمد سورة واحدة وينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا لا يفصل بينهما بسم الله الرحمن الرحيم». نعم وجدنا الحلي يخالف قول علمائه في ذلك ولكن مخالفته لهم تفيد على الأقل إختلافهم على ثبوت البسملة. فكيف يتناسى الرافضة ذلك؟
من مختارات السقيفة: |
¨ شبهة أن ابن عمر كان يقول في الآذان حي على خير العمل
¨ موقف عمر سهم أهل البيت من الخمس
¨ نظرية الخُمس بين الفقيه والإمام الغائب
¨ روايات الشيعة التي تنقض عصمة النبي صلى الله عليه وسلم
وأكد الحلي أن جاحد البسملة لا يكفر لوجود شبهة عنده
(تذكرة الفقهاء1/114).
وذكر أنه لا يجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا الضحى وألم نشرح وسورة الفيل ولإيلاف. وهل تعاد البسملة بينهما؟
أجاب الحلي: الأقرب ذلك لأنها ثابتة في المصحف، وقال الشيخ في التبيان: لا تعاد لأنها سورة واحدة والاجماع على أنها ليست آيتين من سورة واحدة»
(تذكرة الفقهاء1/116 و4/150).
واعترف البهائي العاملي على أن الأكثر من علماء الشيعة على وحدة السورتين (الضحى والانشراح)
(الاثنا عشرية للبهائي العاملي ص 63).
وتساءل الخوئي: سورتا الضحى والانشراح وكذلك لإيلاف والفيل: هل هما سورتان أم سورة واحدة؟
فأجاب بأن: «المعروف بل المتسالم عليه عند الأصحاب هو الثاني» وبعد أن أطال في مناقشة هذا القول وقع في تخبط كبير، وبعد اللف والدوران قال ما يلي:
«بعدما عرفت من وجوب الجمع بين السورتين عملا بقاعدة الاشتغال:
فهل يجب الفصل بينهما بالبسملة أو يؤتى بهما موصولة؟
فيه خلاف بين الأعلام، بل ينسب الثاني إلى الأكثر، بل عن التهذيب عندنا لا يفصل بينهما بالبسملة، وعن التبيان ومجمع البيان أن الأصحاب لا يفصلون بينهما بها»
(كتاب الصلاة للخوئي 3/354-359).
نقل المجلسي عن الشيخ في الاستبصار أن سورة الضحى والانشراح هما سورة واحدة عند آل محمد وينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا ولا يفصل بينهما بالبسملة. وحكى المجلسي الاختلاف على ذلك والاكثر على ترك البسملة
(بحار الأنوار82/46).
وفي الختام نقول:
إذا كان الاختلاف في البسملة كفرا عندكم فقد حكمتم على أنفسكم بالكفر لأنكم مختلفون في عدد السور والآيات.