احسان الهي ظهير
من المسائل التي أثارت جدلًا واسعًا بين الفرق الإسلامية، موقف أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثاني اثنين إذ هما في الغار، وصاحب النبي في الهجرة، وخليفته بعد وفاته. ويُستند في هذه المسألة إلى أقوال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه الواردة في كتب معتبرة عند الشيعة أنفسهم.
شهادة الإمام علي بفضل أبي بكر وخلافته
يروي كتاب "الغارات" أن عليًا قال في رسالته إلى أصحابه بعد مقتل محمد بن أبي بكر:
"فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق، وكانت كلمة الله هي العليا... فصحبته مناصحًا، وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدًا."
وفي رسالة أخرى بعثها إلى أهل مصر، أثنى على خلافة الصديق والفاروق فقال:
"ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا امرأين منهم صالحين، عملا بالكتاب وأحسنا السيرة، ولم يتعديا السنة، ثم توفاهما الله، فرحمهما الله."
كما يقول في "شرح نهج البلاغة" للميثم البحراني:
"فاختار المسلمون بعده (أي النبي) رجلًا منهم، فقارب وسدد بحسب استطاعته على خوف وجد."
الصديق إمام باختيار الأمة وبإقرار علي
وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، يُروى أن عليًا والزبير بن العوام قالا عن أبي بكر:
"وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار وثاني اثنين، ولقد أمره رسول الله بالصلاة وهو حي."
وهذا يدل على أن خلافته كانت بإقرار مباشر من علي بن أبي طالب، بل إنه رفض عروض أبي سفيان في معارضة خلافة الصديق، وقال له:
"لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلًا لما تركناه."
موقف علي عند وفاته من مسألة الوصية
حين طُعن الإمام علي، سُئل عن وصيته، فأجاب كما ورد في "تلخيص الشافي" للطوسي:
"ما أوصى رسول الله فأوصي، ولكن قال: إن أراد الله خيرًا يجمعهم على خيرهم بعد نبيهم."
وهو نفس القول الذي نقله علم الهدى (السيد المرتضى) في "الشافي":
"إذا أراد الله بالناس خيرًا أستجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم."
مدح علي للصديق وعمر في خطبه
يؤكد "تلخيص الشافي" أن عليًا وصف أبا بكر وعمر في إحدى خطبه بقوله:
"اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين... قال: حبيباي، وعماك، أبو بكر وعمر، وإماما الهدى، وشيخا الإسلام، ورجلا قريش، والمقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هُدي إلى صراط مستقيم."
وفي نفس الكتاب، ذكر علي عليه السلام في خطبة أخرى:
"خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر."
موقف جعفر الصادق وتواتر الأحاديث
وقد نقل الاحتجاج للطبرسي قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"اثبت حراء، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد."
وكان من بين الحاضرين: علي، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير.
وهذا تأكيد آخر من كتب الشيعة على مكانة أبي بكر عند علي وأهل بيته.
دعوة للشيعة لمتابعة علي في موقفه من الصديق
إذا كان علي بن أبي طالب، الإمام المعصوم عند الشيعة، يثني على أبي بكر ويعده خير الأمة بعد نبيها، فالأَوْلى بمن يزعم موالاته أن يتبعه في هذا الاعتقاد، بدلًا من اتخاذ مواقف مناقضة لرأيه ومواقفه. فقد ثبت بروايات شيعية محضة أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يرى أبا بكر أحق الناس بالخلافة، وأفضلهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم.