من المعلوم أن الإسلام قد حرّم كل ما يُنافي الفطرة والعقل والدين، ومن ذلك أكل الطين والنجاسات والميتة والدم ولحم الخنزير، بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة. غير أن فرقة الشيعة الإمامية وهي فرقة ضالة خارجة عن منهج الإسلام الصحيح – قد نسبت إلى أئمتها روايات باطلة تبيح أكل طين كربلاء (أي طين قبر الحسين بن علي رضي الله عنه)، بل زعمت أن فيه شفاءً وأمانًا من الخوف، بينما حرّمت طين قبر النبي ﷺ وسائر الأئمة!

وهذا التناقض يكشف انحرافهم العقدي، ويُظهر مدى تجاوزهم للشرع والعقل، إذ جعلوا من طين الأرض وسيلة للتقرب والعبادة، وخصّوا كربلاء بما لم يأتِ الله به سلطانًا.

الروايات الشيعية في استحلال طين كربلاء

قول محمد تقي المجلسي:

قال محمد تقي المجلسي في روضة المتقين (ج 7 ص 512):

«وَفِي الْقَوِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (ع) عَنْ أَكْلِ الطِّينِ، فَقَالَ: أَكْلُ الطِّينِ حَرَامٌ مِثْلَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، إِلَّا طِينُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ (ع)، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَأَمْنًا مِنْ كُلِّ خَوْفٍ».

وهذا النص من أوضح الدلالات على استثناء طين قبر الحسين فقط من التحريم، بل جعله دواءً وأمانًا، وهي عقيدة لا أصل لها في الإسلام، وتعارض صريح القرآن الكريم.

فتوى المرجع الشيعي علي السيستاني

قال السيستاني في منهاج الصالحين (ج 3 ص 302):

«يُسْتَثْنَى مِنَ الطِّينِ طِينُ قَبْرِ الإِمَامِ الْحُسَيْنِ (ع) لِلاِسْتِشْفَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا أَكْلُ مَا زَادَ عَنْ قَدْرِ الْحَمْصَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ الْحَجْمِ، وَلَا يُلْحَقُ بِهِ طِينُ قَبْرِ غَيْرِهِ حَتَّى قَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ وَالأَئِمَّةِ (ع)، نَعَمْ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُمْزَجَ بِمَاءٍ أَوْ مَشْرُوبٍ آخَرَ عَلَى نَحْوٍ يَسْتَهْلِكُ فِيهِ وَالتَّبَرُّكِ بِالاِسْتِشْفَاءِ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَذَلِكَ الْمَشْرُوبِ».

وهذه الفتوى تبيّن بوضوح أن السيستاني يجوّز الاستشفاء بطين الحسين فقط، وينفي ذلك عن طين قبر النبي ﷺ، في إهانة صريحة لمقام النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي قال الله تعالى فيه: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [سورة الشرح: 4].

التناقض في الروايات الشيعية حول أكل الطين

قال الكليني في الكافي (ج 6 ص 265):

«عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: أَكْلُ الطِّينِ يُورِثُ النِّفَاقَ».

وقال المجلسي في مرآة العقول (ج 22 ص 64):

«الرواية موثقة».

إذن، كيف يُورث أكل الطين النفاق، ثم يجعلونه في موضع آخر شفاءً وأمانًا من الخوف؟!
إن هذا تناقض مذهبي صريح يفضح اختلاط العقيدة الشيعية بالروايات الموضوعة التي تخالف القرآن والعقل والطب والفطرة السوية.

الرد العلمي على هذه العقيدة الباطلة

1)       القرآن الكريم حرّم النجاسات والمستقذرات صراحةً، فقال تعالى: ﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ﴾ [سورة الأنعام: 145].

ولم يأتِ في الإسلام استثناء لطين أو تراب قبر أي إنسان – مهما بلغت منزلته – لأن الشفاء بيد الله وحده لا بتراب ولا بحجر.

2)       النبي ﷺ بيّن أن الاستشفاء لا يكون إلا بما أباحه الله، كالعسل أو ماء زمزم أو الدعاء والرقية الشرعية، لا بأكل الطين أو اللحس من القبور، فقال: «إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرّم عليها» (رواه ابن حبان وصححه الألباني).

3)       تكريم النبي ﷺ يكون باتباع سنّته لا بتناول تراب قبره، وقد نهى عن الغلو فقال:
«لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله» (رواه البخاري).

فكيف يُعقل أن يُمنع المسلم من الغلو في النبي ﷺ، ويُؤمر بأكل طين قبر غيره؟!

الخلاصة

إن استحلال أكل طين كربلاء عقيدة مخالفة للإسلام، لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة، وهي بدعة من بدع الغلو في الأئمة. ومن المفارقات المؤلمة أن علماء الشيعة أنفسهم يروون أن أكل الطين يورث النفاق، ومع ذلك يستثنون طين كربلاء من التحريم!
إنه مذهب متناقض لا يمكن أن يكون من دين الله، بل هو نتاج روايات موضوعة تهدف إلى تضليل الناس وصرفهم عن التوحيد الخالص لله تعالى.

المصادر

1)       روضة المتقين محمد تقي المجلسي – ج7 ص512

2)       منهاج الصالحين علي السيستاني – ج3 ص302

3)       الكافي محمد بن يعقوب الكليني – ج6 ص265

4)       مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول محمد باقر المجلسي – ج22 ص64

5)       القرآن الكريم سورة الأنعام: 145