من أخطر العقائد التي تبناها الشيعة الإمامية ما يُعرف بعقيدة البداء على الله، وهي من المسائل التي تُمثّل انحرافًا عميقًا في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته. فالبداء في أصل اللغة يعني الظهور بعد الخفاء، أي أن يظهر لله أمر لم يكن يعلمه أو كان خافيًا عليه، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا. ومع ذلك، نجد أن كتب الشيعة ومروياتهم تزخر بنسبة هذا المعنى الباطل إلى الله سبحانه، حتى جعلوه من أعظم القربات، ورووا في فضله أحاديث مكذوبة، مما يُبيّن مدى خطورة هذه العقيدة ومنافاتها لكمال علم الله تعالى الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. وفي هذا المقال سنعرض أصل عقيدتهم في البداء، ونورد نصوصهم، ثم نُبيّن فسادها العقلي والنقلي.

القول الشيعة بالبداء على الله:

وكذلك قولهم بالبداء على الله، حيث رووا في ذلك روايات عدة، كروايتهم عن الأئمة: (ما عبد الله بشيء مثل البداء). ورواية: (ما عُظِّم الله عز وجل بمثل البداء)[1]. ورواية: (ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما افْتَرُّوا من الكلام فيه)[2]، ورواية: (وما بعث الله نبيًا قط إلا بتحريم الخمر، وأن يقر لله بالبداء)[3].

والبداء بإيجاز: هو الظهور بعد الخفاء. أو: نشأة الرأي الجديد، وهما محالان على الله عز وجل؛ لأنهما يستلزمان الجهل قبل العلم بهما.

وفي روايات القوم عن أبي حمزة الثمالي: قال: قال أبو جعفر عليه السلام وأبو عبد الله عليه السلام: يا أبا حمزة! إن حدثناك بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا؛ فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غداً بخلافه، فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت[4].

ومن التطبيقات العملية لهذه العقيدة رواياتهم المزعومة عن الصادق رحمه الله أنه قد نص لهم على ابنه إسماعيل وأشار في حياته إلى أنه الإمام من بعده، ثم إن إسماعيل مات في حياته أبيه، فقال الصادق: ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني. يقول: ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني، إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنه ليس بإمام بعدي. وقوله: ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل أبي، إذ أمر أباه إبراهيم بذبحه ثم فداه بذبح عظيم[5].

 

______________________________________________________

[1] الكافي، للكليني (1/146)، التوحيد، للصدوق (331)، شرح أصول الكافي، للمازندراني (4/240)، بحار الأنوار للمجلسي (4/107)، نور البراهين، لنعمة الله الجزائري (2/221)، مستدرك سفينة البحار، للنمازي (1/290)، ميزان الحكمة، للريشهري (1/240)، تفسير القمي، لعلي بن إبراهيم القمي (1/38)، تفسير نور الثقلين، للحويزي (2/516).

[2] الكافي، للكليني (1/148)، شرح أصول الكافي، للمازندراني (4/252)، الفصول المهمة في أصول الأئمة، للحر العاملي (1/253)، بحار الأنوار للمجلسي (4/133).

تفسير كنز الدقائق، لمحمد المشهدي (1/359)، شرح إحقاق الحق، للمرعشي (28/401).

[3] الكافي، للكليني (1/148)، تهذيب الأحكام، للطوسي (9/102)، شرح أصول الكافي، للمازندراني (4/255)، وسائل الشيعة (الإسلامية) للحر العاملي (17/240)، الغيبة، للطوسي (430)، مسند الإمام الرضا (ع)، لعزيز الله عطاردي (1/29)، تفسير كنز الدقائق، لمحمد المشهدي (1/359).

[4] بحار الأنوار للمجلسي (4/119)، تفسير أبي حمزة الثمالي، للثمالي (218، 433)، تفسير العياشي، للعياشي (2/217)، تفسير نور الثقلين، للحويزي (2/512).

[5] التوحيد، للصدوق (336) كمال الدين وتمام النعمة، للصدوق (69)، الفصول المختارة، للشريف المرتضى (309)، المسائل العكبرية، للمفيد (99، 133)، تصحيح اعتقادات الإمامية، للمفيد (66)، الغيبة، للطوسي (82، 202)، الصراط المستقيم، لعلي بن يونس العاملي (2/273)، بحار الأنوار للمجلسي (4/109، 122، 37/13، 47/269، 50/241)، تفسير نور الثقلين، للحويزي (4/420)، النجاة في القيامة في تحقيق أمر الإمامة، لميثم البحراني (196)، عقائد الإمامية، لمحمد رضا المظفر (46).