من أخطر ما تفرّدت به الفرقة الشيعية الضالة – التي لا تُعد من فرق المسلمين – هو محاولتها الدؤوبة للطعن في سلامة القرآن الكريم عبر دسّ الأحاديث الباطلة والروايات المكذوبة. فالشيعة عبر التاريخ لم يكتفوا بتحريف معاني النصوص، بل سعوا إلى زعزعة ثقة المسلمين في كتاب الله بحجج واهية ومقاصد خفية. ومن أبرز ما يُستدل به على هذا المسلك الخطير ما قاله أبو القاسم الخوئي في كتابه البيان في تفسير القرآن، حيث اعتبر أن القول بـ«نسخ التلاوة» هو عين القول بالتحريف، بل وذهب إلى أبعد من ذلك حين زعم أن أكثر علماء أهل السنة يقولون بالتحريف لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة.
في هذا المقال نعرض نصوص الخوئي كاملة، مع تحليل علمي وردّ موثق، لتتضح الحقيقة لكل باحث عن الإنصاف.
نصوص الخوئي حول نسخ التلاوة والتحريف: |
قال أبو القاسم الخوئي في كتابه البيان في تفسير القرآن (ص 205):
«وغيرُ خفيٍّ أنَّ القولَ بنسخِ التلاوةِ بعينهِ القولُ بالتحريفِ والإسقاطِ».
وقال أيضًا في الصفحة (206):
«القولُ بالتحريفِ هو مذهبُ أكثرِ علماءِ أهلِ السنّة، لأنهم يقولونَ بجوازِ نسخِ التلاوةِ».
ثم أعاد تأكيد ذلك في موضع آخر من نفس الكتاب (ص 285):
«وقد قدَّمنا لك في بحثِ التحريفِ أنَّ القولَ بنسخِ التلاوةِ هو نفسُ القولِ بالتحريفِ».
توضيح كلام الخوئي: |
يرى الخوئي أن القول بوجود آياتٍ نُسخت تلاوتها من القرآن، مع بقاء حكمها أو دون بقائه، هو في حقيقته تحريفٌ وإسقاطٌ من القرآن، لأنه – بحسب رأيه – لا يمكن تصور أن يُنزل الله آية ثم تُرفع من المصحف إلا إذا كان هناك تحريف أو حذف متعمّد.
وبذلك، يخلط الخوئي بين التحريف بالمعنى المذموم (تغيير كلام الله أو إسقاطه عمدًا)، ونسخ التلاوة وهو أمر ثابت شرعًا عند جمهور علماء المسلمين ثبتت به الأحاديث الصحيحة.
الردّ العلمي على شبهة الخوئي:
أولًا: الفرق بين نسخ التلاوة والتحريف |
نسخ التلاوة ليس تحريفًا، لأن النسخ من فعل الله تعالى، أما التحريف فمن فعل البشر. فالنسخ نوع من التشريع الإلهي لحكمةٍ يعلمها الله، كقوله تعالى:
﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنهَا أَوْ مِثلِهَا﴾ (البقرة: 106)
فنسخ التلاوة هو رفع التلاوة بحكم الله، لا بإرادة بشرية، بخلاف التحريف الذي يعني التبديل أو الإسقاط من البشر.
ثانيًا: وقوع نسخ التلاوة في السنة الصحيحة |
ثبت في صحيح مسلم وغيره من كتب السنة أن بعض الآيات نُسخت تلاوتها، كآية الرجم التي قال فيها عمر رضي الله عنه:
«إنا كنا نقرأ: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالًا من الله والله عزيز حكيم».
وقد اتفق العلماء على أن هذه الآية نُسخت تلاوتها وبقي حكمها.
إذن، نسخ التلاوة ثابت بوحيٍ من الله، وليس من فعل الصحابة أو أحدٍ من البشر.
ثالثًا: مغالطة الخوئي في اتهام أهل السنة |
الخوئي خلط بين الإيمان بالنسخ والقول بالتحريف.
فالتحريف عند أهل السنة باطل قطعًا، ولا يجوز أن يقال إن القرآن نقص منه شيء، بينما النسخ سنة تشريعية إلهية دلّ عليها القرآن نفسه.
وبذلك يتبيّن أن اتهام الخوئي لأهل السنة بالقول بالتحريف هو باطل ومردود.
من خلال نصوص الخوئي يظهر بوضوح أن الشيعة الاثني عشرية هم الذين يفتحون باب الشك في القرآن الكريم عبر ربطهم بين النسخ والتحريف.
أما أهل السنة والجماعة فيعتقدون أن القرآن محفوظ بحفظ الله كما قال تعالى:
﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ 🌿 (الحجر: 9)
فما من آية نُسخت إلا بأمر الله، وما من كلمة تغيّرت إلا بإذنه ووحيه، وليس للبشر في ذلك من سلطان.
الشبهة والرد عليها: |
الشبهة:
قال الخوئي إن القول بنسخ التلاوة هو القول بالتحريف، وأن هذا مذهب أكثر علماء أهل السنة.
الرد:
النسخ حكم إلهي ثابت في القرآن والسنة، أما التحريف فهو تبديل كلام الله، ولا صلة بينهما. فالقول بنسخ التلاوة لا يعني إسقاط شيء من القرآن، بل هو رفع التلاوة بأمر الله لحكمةٍ يعلمها سبحانه.
أما الخوئي فخلط بين النسخ المشروع والتحريف الممنوع، في محاولة للطعن في منهج أهل السنة وتشويه عقيدتهم في حفظ القرآن.
المصادر: |
1) البيان في تفسير القرآن – أبو القاسم الخوئي – ص (205، 206، 285).
2) صحيح مسلم – كتاب الحدود – باب رجم الثيب الزاني.
3) البرهان في علوم القرآن للزركشي.
4) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي.
5) الدر المنثور في التفسير بالمأثور.