من الحقائق التي لا يمكن إنكارها أنّ الشيعة الإمامية الاثني عشرية ليست فرقة واحدة كما يزعم أتباعها، بل هي طوائف متناحرة يتكفّر بعضها بعضاً، وتتنازع في الأئمة والولاية والعقيدة. وهم - على الرغم من ادعائهم حبّ آل البيت - فرقة ضالّة خارجة عن الإسلام، ابتدعوا روايات موضوعة وأحاديث باطلة لتمرير أفكارهم الباطنية ومعتقداتهم الفاسدة.
ومن المفارقات العجيبة أن كتب الشيعة أنفسها تمتلئ بالتكفير والطعن في الزيدية، وهي فرقة شيعية معروفة تخرج عن الإمامية فقط في بعض تفاصيل الإمامة، ومع ذلك لم تسلم من لعنهم وتكفيرهم، حتى وصفها كبار مراجعهم بأنها أشدّ من النواصب.
هذا المقال يبيّن - بالأدلة من كتبهم - كيف يكفّر الشيعة الزيدية، ويعتبرونهم نواصب وكفارًا، مما يكشف تناقض مذهبهم الداخلي وتفكك بنيانه العقدي.
الزيدية عند المجلسي كالنواصب والواقفة
قال محمد باقر المجلسي في بحار الأنوار:
"وروي عن محمد بن الحسن، عن أبي علي الفارسي قال: حكى منصور عن الصادق علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام أن الزيدية والواقفة والنصاب بمنزلة عنده سواء.
وعن محمد بن الحسن، عن أبي علي، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عمّن حدثه قال: سألت محمد بن علي الرضا عليهما السلام عن هذه الآية ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ قال: نزلت في النصاب والزيدية، والواقفة من النصاب.
أقول: كتب أخبارنا مشحونة بالأخبار الدالة على كفر الزيدية وأمثالهم من الفطحية والواقفة وغيرهم من الفرق المضلّة المبتدعة."
بحار الأنوار – المجلسي – ج 37 ص 34
وهذا نصّ واضح بأن المجلسي يكفّر الزيدية ويجعلهم في منزلة واحدة مع النواصب أعداء آل البيت، بل يصرّح أن كتب الشيعة مليئة بالأخبار التي تثبت كفرهم.
البحراني: الزيدية من النواصب
قال يوسف البحراني في الحدائق الناضرة:
"ينبغي أن يُعلم أن جميع من خرج عن الفرقة الإثني عشرية من أفراد الشيعة كالزيدية والواقفية والفطحية ونحوها فإن الظاهر أن حكمهم كحكم النواصب فيما ذكرنا، لأن من أنكر واحدًا منهم (عليهم السلام) كان كمن أنكر الجميع كما وردت به أخبارهم.
ومما ورد من الأخبار الدالة على ما ذكرنا ما رواه الثقة الجليل أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال بإسناده عن ابن أبي عمير عن من حدثه قال: سألت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عن هذه الآية ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ قال: وردت في النصاب، والزيدية والواقفية من النصاب."
الحدائق الناضرة – البحراني – ج 5 ص 189
إذن، بحسب البحراني، فإن الزيدية نواصب كفار لأنهم لم يؤمنوا بجميع الأئمة الاثني عشر، بل توقفوا عند زيد بن علي رضي الله عنه، فحكم عليهم الإمامية بحكم الكافر المعادي لأهل البيت!
الزيدية شرٌّ من النواصب عند البحراني
بل تجاوز البحراني ذلك فقال:
"وما رواه فيه بسنده إلى عمر بن يزيد قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فحدثني مليًّا في فضائل الشيعة ثم قال: إن من الشيعة بعدنا من هم شر من النصاب.
فقلت: جعلت فداك أليس ينتحلون مودتكم ويتبرؤون من عدوكم؟ قال: نعم.
قلت: جعلت فداك بيّن لنا لنعرفهم فلعلنا منهم. قال: كلا يا عمر ما أنت منهم إنما هو قوم يفتنون بزيد ويفتنون بموسى.
وما رواه فيه أيضًا قال: إن الزيدية والواقفية والنصاب بمنزلة واحدة."
الحدائق الناضرة – البحراني – ج 5 ص 189
وهنا يظهر بوضوح أنّ الزيدية عند الشيعة شرّ من النواصب أنفسهم، لأنهم - في زعمهم - ينتسبون للتشيع لكنهم لم يعترفوا بالأئمة الاثني عشر، فصاروا عندهم أخطر من العدو الظاهر!
لا شبهة بل انقسام وتكفير داخلي
هذه النصوص لا تمثل "شبهة" كما يدّعي البعض، بل هي إدانة واضحة للمذهب الشيعي من داخل كتبه.
فإذا كانت الزيدية - وهم من ذرية الحسين ويُظهرون الولاء لآل البيت - يُعتبرون عند الشيعة الإمامية نواصب وكفارًا وشرًّا من أعداء أهل البيت، فكيف يزعم الإمامية أنهم أصحاب التسامح والولاية والمحبة؟
إنّ هذا المنهج التكفيري الداخلي يفضح حقيقة عقيدتهم القائمة على الحقد والفرقة واللعن، لا على التوحيد والرحمة.