من أخطر العقائد التي بنى عليها الشيعة الإمامية مذهبهم فكرة الإمام الثاني عشر المزعوم، الذي يزعمون أنه وُلد سرًّا ودخل في غيبة كبرى منذ أكثر من ألف عام، وهي عقيدة لم يعرفها المسلمون الأوائل، ولا أقرّ بها أحد من الصحابة أو التابعين. غير أن نصوصهم المعتبرة تكشف زيف هذه الدعوى من جذورها، وتفضح التناقض بين ما يروونه في كتبهم وبين ما يدّعونه في منابرهم. فالروايات الصحيحة عندهم، كما في "الكافي" و"كمال الدين"، تُقرّ بأن الحسن العسكري تُوفي ولم يُرَ له ولد، وأن السلطان فتّش داره ولم يجد أثرًا لحمل، فقُسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر. تلك الشهادة التاريخية من داخل البيت الإمامي تُسقط أساس العقيدة الاثني عشرية، وتثبت أن "المهدي المنتظر" لم يولد أصلًا، وإنما اختُلق لتبرير الفراغ العقدي والسياسي بعد موت الحسن العسكري، وهو ما أقرّ به كبار متقدميهم كالنوبختي والفضل بن شاذان وغيرهم.

لقد ورد في كتب الامامية عدم ولادة امامهم الثاني عشر:

 قال الكليني:

"الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وغَيْرُهُمَا قَالُوا كَانَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خَاقَانَ عَلَى الضِّيَاعَ والْخَرَاجِ بِقُمَّ فَجَرَى فِي مَجْلِسِهِ يَوْماً ذِكْرُ الْعَلَوِيَّةِ ومَذَاهِبِهِمْ وكَانَ شَدِيدَ النَّصْبِ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ ولَا عَرَفْتُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى رَجُلًا مِنَ الْعَلَوِيَّةِ مِثْلَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا فِي هَدْيِهِ وسُكُونِهِ وعَفَافِهِ ونُبْلِهِ وكَرَمِهِ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وبَنِي هَاشِمٍ وتَقْدِيمِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى ذَوِي السِّنِّ مِنْهُمْ والْخَطَرِ وكَذَلِكَ الْقُوَّادِ والْوُزَرَاءِ وعَامَّةِ النَّاسِ فَإِنِّي كُنْتُ يَوْماً قَائِماً عَلَى رَأْسِ أَبِي وهُوَ يَوْمُ مَجْلِسِهِ لِلنَّاسِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ حُجَّابُهُ فَقَالُوا أبو مُحَمَّدِ بْنُ الرِّضَا بِالْبَابِ فَقَالَ بِصَوْتٍ عَالٍ ائْذَنُوا لَهُ فَتَعَجَّبْتُ مِمَّا سَمِعْتُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ جَسَرُوا يُكَنُّونَ رَجُلًا عَلَى أَبِي بِحَضْرَتِهِ ولَمْ يُكَنَّ عِنْدَهُ إلا خَلِيفَةٌ أو وَلِيُّ عَهْدٍ أو مَنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ أن يُكَنَّى فَدَخَلَ رَجُلٌ أَسْمَرُ حَسَنُ الْقَامَةِ جَمِيلُ الْوَجْهِ جَيِّدُ الْبَدَنِ حَدَثُ السِّنِّ لَهُ جَلَالَةٌ وهَيْبَةٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ أَبِي قَامَ يَمْشِي إِلَيْهِ خُطًى ولَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ هَذَا بِأَحَدٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ والْقُوَّادِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عَانَقَهُ وقَبَّلَ وَجْهَهُ وصَدْرَهُ وأَخَذَ بِيَدِهِ وأَجْلَسَهُ عَلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ مُقْبِلًا عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وجَعَلَ يُكَلِّمُهُ ويَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ وأَنَا مُتَعَجِّبٌ مِمَّا أَرَى مِنْهُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْحَاجِبُ فَقَالَ الْمُوَفَّقُ قَدْ جَاءَ وكَانَ الْمُوَفَّقُ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَبِي تَقَدَّمَ حُجَّابُهُ وخَاصَّةُ قُوَّادِهِ فَقَامُوا بَيْنَ مَجْلِسِ أَبِي وبَيْنَ بَابِ الدَّارِ سِمَاطَيْنِ إِلَى أن يَدْخُلَ ويَخْرُجَ فَلَمْ يَزَلْ أَبِي مُقْبِلًا عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُهُ حَتَّى نَظَرَ إِلَى غِلْمَانِ الْخَاصَّةِ فَقَالَ حِينَئِذٍ إِذَا شِئْتَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ ثُمَّ قَالَ لِحُجَّابِهِ خُذُوا بِهِ خَلْفَ السِّمَاطَيْنِ حَتَّى لَا يَرَاهُ هَذَا يَعْنِي الْمُوَفَّقَ فَقَامَ وقَامَ أَبِي وعَانَقَهُ ومَضَى فَقُلْتُ لِحُجَّابِ أَبِي وغِلْمَانِهِ وَيْلَكُمْ مَنْ هَذَا الَّذِي كَنَّيْتُمُوهُ عَلَى أَبِي وفَعَلَ بِهِ أَبِي هَذَا الْفِعْلَ فَقَالُوا هَذَا عَلَوِيٌّ يُقَالُ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُعْرَفُ بِابْنِ الرِّضَا فَازْدَدْتُ تَعَجُّباً ولَمْ أَزَلْ يَوْمِي ذَلِكَ قَلِقاً مُتَفَكِّراً فِي أَمْرِهِ وأَمْرِ أَبِي ومَا رَأَيْتُ فِيهِ حَتَّى كَانَ اللَّيْلُ وكَانَتْ عَادَتُهُ أن يُصَلِّيَ الْعَتَمَةَ ثُمَّ يَجْلِسُ فَيَنْظُرُ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤَامَرَاتِ ومَا يَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ فَلَمَّا صَلَّى وجَلَسَ جِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ولَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ فَقَالَ لِي يَا أَحْمَدُ لَكَ حَاجَةٌ قُلْتُ نَعَمْ يَا أَبَهْ فَإِنْ أَذِنْتَ لِي سَأَلْتُكَ عَنْهَا فَقَالَ قَدْ أَذِنْتُ لَكَ يَا بُنَيَّ فَقُلْ مَا أَحْبَبْتَ قُلْتُ يَا أَبَهْ مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتُكَ بِالْغَدَاةِ فَعَلْتَ بِهِ مَا فَعَلْتَ مِنَ الْإِجْلَالِ والْكَرَامَةِ والتَّبْجِيلِ وفَدَيْتَهُ بِنَفْسِكَ وأَبَوَيْكَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ ذَاكَ إِمَامُ الرَّافِضَةِ ذَاكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الرِّضَا فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّ لَوْ زَالَتِ الْإِمَامَةُ عَنْ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مَا اسْتَحَقَّهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ غَيْرُ هَذَا وإِنَّ هَذَا لَيَسْتَحِقُّهَا فِي فَضْلِهِ وعَفَافِهِ وهَدْيِهِ وصِيَانَتِهِ وزُهْدِهِ وعِبَادَتِهِ وجَمِيلِ أَخْلَاقِهِ وصَلَاحِهِ ولَوْ رَأَيْتَ أَبَاهُ رَأَيْتَ رَجُلًا جَزْلًا نَبِيلًا فَاضِلًا فَازْدَدْتُ قَلَقاً وتَفَكُّراً وغَيْظاً عَلَى أَبِي ومَا سَمِعْتُ مِنْهُ واسْتَزَدْتُهُ فِي فِعْلِهِ وقَوْلِهِ فِيهِ مَا قَالَ فَلَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ إلا السُّؤَالُ عَنْ خَبَرِهِ والْبَحْثُ عَنْ أَمْرِهِ فَمَا سَأَلْتُ أَحَداً مِنْ بَنِي هَاشِمٍ والْقُوَّادِ والْكُتَّابِ والْقُضَاةِ والْفُقَهَاءِ وسَائِرِ النَّاسِ إلا وَجَدْتُهُ عِنْدَهُ فِي غَايَةِ الْإِجْلَالِ والْإِعْظَامِ والْمَحَلِّ الرَّفِيعِ والْقَوْلِ الْجَمِيلِ والتَّقْدِيمِ لَهُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ ومَشَايِخِهِ فَعَظُمَ قَدْرُهُ عِنْدِي إِذْ لَمْ أَرَ لَهُ وَلِيّاً ولَا عَدُوّاً إلا وهُوَ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِيهِ والثَّنَاءَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَمَا خَبَرُ أَخِيهِ جَعْفَرٍ فَقَالَ ومَنْ جَعْفَرٌ فَتَسْأَلَ عَنْ خَبَرِهِ أو يُقْرَنَ بِالْحَسَنِ جَعْفَرٌ مُعْلِنُ الْفِسْقِ فَاجِرٌ مَاجِنٌ شِرِّيبٌ لِلْخُمُورِ أَقَلُّ مَنْ رَأَيْتُهُ مِنَ الرِّجَالِ وأَهْتَكُهُمْ لِنَفْسِهِ خَفِيفٌ قَلِيلٌ فِي نَفْسِهِ ولَقَدْ وَرَدَ عَلَى السُّلْطَانِ وأَصْحَابِهِ فِي وَقْتِ وَفَاةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَا تَعَجَّبْتُ مِنْهُ ومَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكُونُ وذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَلَّ بَعَثَ إِلَى أَبِي أن ابْنَ الرِّضَا قَدِ اعْتَلَّ فَرَكِبَ مِنْ سَاعَتِهِ فَبَادَرَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ ثُمَّ رَجَعَ مُسْتَعْجِلًا ومَعَهُ خَمْسَةٌ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كُلُّهُمْ مِنْ ثِقَاتِهِ وخَاصَّتِهِ فِيهِمْ نِحْرِيرٌ فَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِ دَارِ الْحَسَنِ وتَعَرُّفِ خَبَرِهِ وحَالِهِ وبَعَثَ إِلَى نَفَرٍ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فَأَمَرَهُمْ بِالِاخْتِلَافِ إِلَيْهِ وتَعَاهُدِهِ صَبَاحاً ومَسَاءً فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ أو ثَلَاثَةٍ أُخْبِرَ أَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ فَأَمَرَ الْمُتَطَبِّبِينَ بِلُزُومِ دَارِهِ وبَعَثَ إِلَى قَاضِي الْقُضَاةِ فَأَحْضَرَهُ مَجْلِسَهُ وأَمَرَهُ أن يَخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَشَرَةً مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ فِي دِينِهِ وأَمَانَتِهِ ووَرَعِهِ فَأَحْضَرَهُمْ فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى دَارِ الْحَسَنِ وأَمَرَهُمْ بِلُزُومِهِ لَيْلًا ونَهَاراً فَلَمْ يَزَالُوا هُنَاكَ حَتَّى تُوُفِّيَ (عليه السلام) فَصَارَتْ سُرَّ مَنْ رَأَى ضَجَّةً وَاحِدَةً وبَعَثَ السُّلْطَانُ إِلَى دَارِهِ مَنْ فَتَّشَهَا وفَتَّشَ حُجَرَهَا وخَتَمَ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا وطَلَبُوا أَثَرَ وَلَدِهِ وجَاءُوا بِنِسَاءٍ يَعْرِفْنَ الْحَمْلَ فَدَخَلْنَ إِلَى جَوَارِيهِ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِنَّ فَذَكَرَ بَعْضُهُنَّ أن هُنَاكَ جَارِيَةً بِهَا حَمْلٌ فَجُعِلَتْ فِي حُجْرَةٍ ووُكِّلَ بِهَا نِحْرِيرٌ الْخَادِمُ وأَصْحَابُهُ ونِسْوَةٌ مَعَهُمْ ثُمَّ أَخَذُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَهْيِئَتِهِ وعُطِّلَتِ الْأَسْوَاقُ ورَكِبَتْ بَنُو هَاشِمٍ والْقُوَّادُ وأَبِي وسَائِرُ النَّاسِ إِلَى جَنَازَتِهِ فَكَانَتْ سُرَّ مَنْ رَأَى يَوْمَئِذٍ شَبِيهاً بِالْقِيَامَةِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ تَهْيِئَتِهِ بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلَى أَبِي عِيسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ فَأَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَنَا أبو عِيسَى مِنْهُ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَعَرَضَهُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الْعَلَوِيَّةِ والْعَبَّاسِيَّةِ والْقُوَّادِ والْكُتَّابِ والْقُضَاةِ والْمُعَدَّلِينَ وقَالَ هَذَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ عَلَى فِرَاشِهِ حَضَرَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وثِقَاتِهِ فُلَانٌ وفُلَانٌ ومِنَ الْقُضَاةِ فُلَانٌ وفُلَانٌ ومِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فُلَانٌ وفُلَانٌ ثُمَّ غَطَّى وَجْهَهُ وأَمَرَ بِحَمْلِهِ فَحُمِلَ مِنْ وَسَطِ دَارِهِ ودُفِنَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ فَلَمَّا دُفِنَ أَخَذَ السُّلْطَانُ والنَّاسُ فِي طَلَبِ وَلَدِهِ وكَثُرَ التَّفْتِيشُ فِي الْمَنَازِلِ والدُّورِ وتَوَقَّفُوا عَنْ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ ولَمْ يَزَلِ الَّذِينَ وُكِّلُوا بِحِفْظِ الْجَارِيَةِ الَّتِي تُوُهِّمَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ لَازِمِينَ حَتَّى تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحَمْلِ فَلَمَّا بَطَلَ الْحَمْلُ عَنْهُنَّ قُسِمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ أُمِّهِ وأَخِيهِ جَعْفَرٍ وادَّعَتْ أُمُّهُ وَصِيَّتَهُ وثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي والسُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِهِ فَجَاءَ جَعْفَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَبِي فَقَالَ اجْعَلْ لِي مَرْتَبَةَ أَخِي وأُوصِلَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فَزَبَرَهُ أَبِي وأَسْمَعَهُ وقَالَ لَهُ يَا أَحْمَقُ السُّلْطَانُ جَرَّدَ سَيْفَهُ فِي الَّذِينَ زَعَمُوا أن أَبَاكَ وأَخَاكَ أَئِمَّةٌ لِيَرُدَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كُنْتَ عِنْدَ شِيعَةِ أَبِيكَ أو أَخِيكَ إِمَاماً فَلَا حَاجَةَ بِكَ إِلَى السُّلْطَانِ أن يُرَتِّبَكَ مَرَاتِبَهُمَا ولَا غَيْرِ السُّلْطَانِ وإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمْ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَمْ تَنَلْهَا بِنَا واسْتَقَلَّهُ أَبِي عِنْدَ ذَلِكَ واسْتَضْعَفَهُ وأَمَرَ أن يُحْجَبَ عَنْهُ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ أَبِي وخَرَجْنَا وهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ والسُّلْطَانُ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ " اهـ.[1]

ولقد صحح الصدوق هذه الرواية في كتاب كمال الدين، حيث قال قبل ذكرها:

" فمما روى في صحة وفاة الحسن بن علي بن محمد العسكري (ع) ما حدثنا به أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي الله عنهما - قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا من حضر موت الحسن بن علي بن محمد العسكري عليهم السلام ودفنه ممن لا يوقف على إحصاء عددهم ولا يجوز على مثلهم التواطؤ بالكذب. وبعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن ابن علي العسكري عليهما السلام بثمانية عشرة سنة أو أكثر مجلس أحمد بن عبيد الله بن يحيى ابن خاقان وهو عامل السلطان يومئذ على الخراج والضياع بكورة قم، وكان من أنصب خلق الله وأشدهم عداوة لهم، فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسر - من رأى ومذاهبهم وصلاحهم وأقدارهم عند السلطان، فقال أحمد بن عبيد الله: ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا عليهم السلام..... " اهـ.[2]

فالرواية صريحة بعدم وجود أثر للمولود، ولهذا قُسم ارث الحسن العسكري بين أمه وأخيه، بل أن أمه إدعت الوصية، وثبت ذلك عند القاضي.

اسئلة تتعلق بالرواية:

هل ادعت أم الحسن العسكري وصيته زورا وبطلانا؟

وكيف تأخذ ارثا لا يجوز لها؟

ما هو حكمها وهي تأخذ ما لا حق لها؟

ومن كثرة تخبط الرافضة بما يتعلق بولادة محمد بن الحسن العسكري الذي يسمونه القائم ما حدث من افتراق فاضح بين الشيعة بعد موت الحسن العسكري، حيث قال النوبختي: " وولد الحسن بن علي عليه السلام في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومأتين وتوفي بسر من رأى يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومأتين ودفن في داره في البيت الذي دفن فيه أبوه وهو ابن ثمان وعشرين سنة وصلى عليه أبو عيسى بن المتوكل وكانت إمامته خمس سنين وثمانية أشهر وخمسة أيام وتوفي ولم ير له أثر ولم يعرف له ولد ظاهر فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمه وهي أم ولد لها عسفان ثم سماها أبو الحسن حديثا فافترق أصحابه بعده أربع عشرة فرقة " اهـ.[3]

فهذا يدل على أن واضع معتقد الرافضة مجموعة من الزنادقة، أو المنتفعين ليأكلوا اموال الناس بالباطل، ولهذا لا تجد حقيقة لإمامهم الثاني عشر إلا أخبار من بعض المنتفعين الذين يسمونهم السفراء الاربعة، ففترة السفراء الأربعة يسمونها فترة الغيبة الصغرى، وبعد ذلك غاب غيبة كبرى، ولو جئنا الى حقيقة الامر فانه لا يوجد شيء اسمه غيبة صغرى، ولا غيبة كبرى، فهذا الشخص لم يلتق به احد، ولا يوجد له عين ولا اثر، فالأمر لا يعدو عند الرافضة من ادعاء وساطة بين الرافضة وامامهم الثاني عشر في عصر الغيبة الصغرى عن طريق السفراء الاربعة، واما في عصر الغيبة الكبرى فيدعي الرافضة خروج توقيعات من الإمام الثاني عشر، والغريب أن هذه التوقيعات لا تُعرف وسائطها بينهم، وبين الإمام الثاني عشر، ولا توجد اوراق مُحتفظ بها لهذه التوقيعات بأوقات متباعدة لنعلم هل الخط نفسه أم لا، وكيف وصلت الى الشيعة، فخلاصة الامر أن هذه العقيدة باطنية لا علاقة لها بالإسلام، وعقائده، ولقد وصل الامر بابن نوبخت وهو من كبار علماء الامامية باعتقاده أن مهديهم قد مات واعطى ابنه الامامة من بعده، ولا ادري كيف عرف ابن نوبخت أن لمهديم ولد، ومن هي أم هذا الولد!!!، ومتى تم الزواج، ومن الذي راى مهديهم؟!

 قال ابن النديم: " أبو سهل النوبختي أبو سهل إسماعيل بن علي بن نوبخت. من كبار الشيعة. وكان أبو الحسين الناشئ يقول إنه أستاذه. وكان فاضلا عالما متكلما. وله مجلس يحضره جماعة من المتكلمين. وله رأى في القائم من آل محمد (عليه السلام) لم يسبق إليه. وهو انه كان يقول: انا أقول أن الإمام محمد بن الحسن. ولكنه مات في الغيبة. وقام بالامر في الغيبة ابنه وكذلك فيما بعد من ولده إلى أن ينفذ الله حكمه في اظهاره. وكان أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبى العزاقر راسله، يدعوه إلى الفتنة، ويبذل له المعجز واظهار العجيب. وكان بمقدم رأس أبى سهل جلح يشبه القرع. فقال للرسول: انا معجز ما أدري أي شئ هو. ينبت صاحبك بمقدم رأسي الشعر حتى أؤمن به. فما عاد إليه رسول بعد هذا " اهـ.[4]

وإذا قال الرافضة أن ابن النديم ليس شيعيا فلا يلزمنا كلامه؟

 فالجواب:

 على هذا ما جاء في كتب الرافضة اعتراف الرافضة بان ابن النديم كان شيعيا اماميا، فقد قال عباس القمي: " (ابن النديم) أبو الفرج محمد بن إسحاق النديم المعروف بابن أبى يعقوب الوراق النديم البغدادي الكاتب الفاضل الخبير المتبحر الماهر الشيعي الامامي مصنف كتاب الفهرست الذي جود فيه واستوعب استيعابا يدل على اطلاعه على فنون من العلم وتحققه بجميع الكتب، حكي انه كانت ولادته في جمادي الآخرة سنة 297 وتوفي يوم الأربعاء لعشر بقين من شعبان سنة 385 (شف) اهـ.[5]

وقال الشاهرودي:

17643 - ابن النديم: اثنان:

أحدهما: أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل نديم المتوكل العباسي.

 ثانيهما: أبو الفرج محمد بن إسحاق النديم البغدادي الوراق الفاضل المعتمد في الرجال صاحب الفهرست. توفي شعبان سنة 385 وله 88 عاما. والشيخ والنجاشي اعتمدا عليه " اهـ.[6]


وقال ايضا: " ابن النديم: أبو الفرج محمد بن إسحاق النديم البغدادي الوراق، الكاتب الفاضل الخبير المتبحر الماهر الشيعي الإمامي، مصنف كتاب الفهرست. جود فيه واستوعب جزاه الله خيرا. ولد في جمادي 2 سنة 297، وتوفي في شعبان سنة 385. وصنف الفهرست سنة 377. والشيخ والنجاشي في كتابيهما اعتمدا عليه، فراجع إلى السفينة في لغة " حمد " اهـ.[7]

يواطئُ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي:

لقد ورد في كتب اهل السنة والجماعة أن المهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه واله وسلم اسمه محمد بن عبد الله.

 قال الإمام أبو داود:

" حدَّثنا مُسدَّدٌ، أن عُمرَ بن عُبيدٍ حدَّثهم. وحدَثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو بكرٍ -يعني ابن عياشٍ-. وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سُفيان. وحدَّثنا أحمد بن إبراهيمَ، حدَّثنا عُبيدُ الله بن موسى، أخبرنا زائدة. وحدَّثنا أحمد بن إبراهيمَ، حدَّثني عُبيد الله، عن فطر -المعنى واحد- كلُّهم عن عاصم، عن زِرّ عن عبدِ الله، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لو لم يبقَ من الدُّنيا إلا يومٌ -قال زائدة في حديثه- لطوَّل الله ذلك اليومَ -ثم اتفقوا- حتى يبعثَ اللهُ فيه رجُلاً مني أو من أهلِ بيتي، يواطئُ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي -زاد في حديث فطر- يَملأ الأرضَ قِسطاً وعَدلاً، كما مُلِئَت ظلماً وجَوْراً". وقال في حديث سفيان: "لا تذهب -أو لا تنقضي- الدُنيا حتى يملك العربَ رجلٌ من أهل بيتي، يواطئُ اسمُه اسمي

تحقيق الألباني:

 حسن صحيح الترمذي (2345) // مختصرا، وانظر المشكاة (5452)، فضائل أهل الشام (16)، صحيح الجامع الصغير (5304) " اهـ.[8]

وقال الإمام ابن حبان:

 " 6785 – أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامٍ بِالْأُبُلَّةِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تقومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ النَّاسَ رجلٌ مِن أهل بيتي يُوَاطِىءُ اسمُهُ اسمي واسمُ أبيه اسم أبي فَيَمْلأُها قِسْطاً وعَدْلاً)

[تعليق الشيخ الألباني] حسن صحيح ـ مضى (5923) " اهـ.[9]

وكذلك ورد في كتب الرافضة أن اسمه يواطيء اسم النبي صلى الله عليه واله وسلم واسم أبيه.

 قال الطوسي:

 " أخبرنا الحفار، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه، قال. حدثنا الحسن بن علي الهاشمي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إلى علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، ففتح الله عليه، وأوقفه يوم غدير خم، فاعلم الناس أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة، وقال له: (أنت مني، وأنا منك).

وقال له: (تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل).

وقال له: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى).

وقال له: (أنا سلم لمن سالمت، وحرب لمن حاربت).

وقال له: (أنت العروة الوثقى).

وقال له: (أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي).

وقال له: (أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي).

وقال له: (أنت الذي أنزل فيه: (وأذان من آلله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر).

  وقال له: (أنت الآخذ بسنتي والذب عن ملتي ".

  وقال له: (أنا أول من تنشق عنه الأرض، وأنت معي).

وقال له: (أنا عند الحوض، وأنت معي).

وقال له: (أنا أول من يدخل الجنة، وأنت بعدي تدخلها، والحسن والحسين وفاطمة).

وقال له: (إن الله أوحى إلي بأن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس، وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه)

وقال له: (اتق الضغائن التي لك في صدر من لا يظهرها إلا بعد موتي، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون).

 ثم بكى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقيل. مم بكاؤك، يا رسول الله؟

قال: أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه، ويقاتلونه ويقتلون ولده، ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرئيل، (عليه السلام) عن الله (عز وجل) أن ذلك يزول إذا قام قائمهم، وعلت كلمتهم، واجتمعت الأمة على محبتهم، وكان الشانئ لهم قليلا، والكاره لهم ذليلا، وكثر المادح لهم، وذلك حين تغير البلاد، وضعف العباد، والإياس من الفرج، وعند ذلك يظهر القائم منهم. فقيل له: ما اسمه؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم أبي، هو من ولد ابنتي...." اهـ.[10]

فهذه الرواية تُبطل ادعاء الرافضة بان اسم المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه واله وسلم هو محمد بن الحسن.

____________________________

1- الكافي – الكليني - ج 1 ص 503 – 506.

2- كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 40 – 44.

3- فرق الشيعة - الحسن بن موسى النوبختي - ص 95 – 96.

 4-الفهرست – ابن النديم - ج 1 ص 251.

 5-الكنى والألقاب - عباس القمي - ج 1 ص 440.

 6-مستدركات علم رجال الحديث - علي النمازي الشاهرودي - ج 8 ص 506.

 7-مستدرك سفينة البحار - علي النمازي الشاهرودي - ج 10 - ص 18.

 8-صحيح وضعيف سنن أبي داود – محمد ناصر الدين الالباني - ج 9 ص 282.
 9-
التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان – محمد ناصر الدين الالباني – ج 9 ص 456.
 10-
الأمالي - الطوسي - ص 351 – 352.