حديث احتجاج آدم وموسى: نقد الروايات الشيعية وتوضيح الحقائق
في بحوث علوم الحديث وعلوم العقيدة، يبرز جليًا أن بعض الروايات المنقولة عن الشيعة الإثني عشرية تحوي ما يخالف العقيدة الإسلامية الصحيحة. ومن أبرز الأمثلة حديث احتجاج آدم وموسى عليهما السلام، الذي تناولته كتب الشيعة مثل تفسير القمي وبحار الأنوار مع محاولات لتبرير عقائد غير لائقة بالأنبياء.
وقد اعترض الشيعة على هذا الحديث من باب عدم اللائقية، لكن قراءة النصوص توضح أن الحديث يثبت وقوع الاحتجاج بين آدم وموسى على القضاء والقدر وليس على المعصية، وأن الأئمة في الروايات الشيعية يستخدمون أحيانًا التقية لإظهار أقوال غير واقعية.
في هذا المقال، سنعرض رواية الحديث وأوجه اعتراض الشيعة عليها، مع توضيح الحق عند أهل السنة والرد على الشبهات المتعلقة بالقدرة الإلهية ومعصية الأنبياء.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
«قال رسول الله e: احتج آدم وموسى فقال له موسى أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة فقال له آدم أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ثم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق فقال رسول الله فحج آدم موسى مرتين» (البخاري3409).
واعترض الشيعة على هذا الحديث بأنه من غير اللائق احتجاج الأنبياء بالقدر على المعاصي.
قلت: هذا إقرار منكم بأن الأنبياء تجوز عليهم المعاصي إذ قد رويتم مثله.
فقد روى ثقتكم القمي (أول القائلين بتحريف القرآن) عن أبي عبدالله (ع) قال: أن موسى (ع) سأل ربه أن يجمع بينه وبين آدم (ع) فجمع فقال له موسى: يا أبت ألم يخلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأمرك أن لا تأكل من الشجرة؟ فلم عصيته؟ قال: يا موسى بكم وجدت خطيئتي قبل خلقي في التوراة؟ قال: بثلاثين سنة، قال: فهو ذلك، قال الامام الصادق(ع) فحج آدم موسى» (تفسير القمي1/45 بحار الأنوار5/89 و11/163 البرهان في تفسير القرآن1/257).
قال المجلسي:
«من أصحابنا من حمل هذا الخبر على التقية، إذ قد ورد ذلك في كتبهم بطرق كثيرة، وقد رواه السيد في الطرائف من طرقهم ورده، ويمكن أن يقال: إن المراد أنه كتب في التوراة أن الله وكل آدم إلى اختياره حتى فعل ما فعل لمصلحة إهباطه إلى الدنيا، وأما كونه قبل خلقه عليه السلام فلان التوراة كتب في الالواح السماوية في ذلك الوقت وإن وجده موسى عليه السلام بعد بعثته " ويحتمل اطلاع روح موسى على ذلك قبل خلق جسد آدم» (بحار الأنوار5/89).
قلت: هذا يدل على صحة الحديث عند المجلسي. ودليل صحته عنده أيضا تعليقه وشرحه عليه.
قال المجلسي في شرح الحديث:
« وجدان الخطيئة قبل الخلق إما في عالم الأرواح بأن يكون روح موسى (ع) اطلع على ذلك في اللوح أو أنه وجد في التوراة أن تقدير خطيئة آدم (ع) كان قبل خلقه بثلاثين سنة، ويدل على الأخير ما سيأتي في خبر مسعدة، وقوله (ع):( فحجّ) أي غلب عليه في الحجة وهذا يرجع الى القضاء القدر» (بحار الأنوار11/163).
غير أنه نسب إلى الأئمة التصريح بالعقائد الفاسدة تقية، وكأن هارون الرشيد كان يضع الفأس على رأس الإمام ليصرح بالأقوال غير اللائقة بالأنبياء. وهكذا عقيدة القوم يخلط الإمام الحلال بالحرام. ويقولون بالعقائد الفاسدة لمجرد خوفه على نفسه. وكأن سلامة نفسه أعظم عنده من دين الله. فلا يبلغ الأئمة دين الله وإنما يبلغون خلافه. أليس هذا عين الطعن فيهم؟
وهذا يكشف تخبط القوم في تعاملهم مع مصادر عقيدتهم. فيعترفون بصحة المصدر ثم يتهمون الإمام بالجبن والمنافقة والتظاهر بفساد العقيدة بينما هو يبطن خلافها. فالحمد لله الذي عافى اهل السنة مما ابتلى المجلسي وأضرابه به.
والسبب في محاجة آدم أن خروجه من الجنة ونزوله إلى الأرض مقدر من الله. قبل أن يعصي وكان الله عالمًا ما يقع منه. ولذا كان سؤال موسى لآدم (لماذا أخرجتنا) ولم يقل: لماذا خالفت أمر ربك أو لماذا عصيت الله؟ لأن آدم كان قد تاب من الذنب وغفر له. فاللوم واقع على المصيبة وهي مقدرة فحج آدم موسى، وأما إن كان على المعصية فإنما ينفع إذا احتج به بعد وقوعه والتوبة منه وترك معاودته كما فعل آدم، بخلاف من يحتجون به على من لا يزالون يزاولون المعصية بهذه الحجة. ولكن هل يعقل ويفقه ذلك الموسوي والمجلسي؟