الخمس بين الفريضة الشرعية والضريبة المالية

رسالة مختصرة في حكم (الخمس):

هل هو فرض جعله الله في الأموال المغنومة من الكفار المحاربين؟ أم هو (ضريبة دخل) على مكاسب المسلمين المسالمين؟ وذلك بالأدلة النقلية الصحيحة والحجج العقلية الصريحة التي يفرضها المنطق ويسندها الواقع ويؤيدها التاريخ أضعها بين يدي كل مسلم متفتح العقل، حي الضمير، ينظر إلى الأمور ببصيرة نافذة، وعقلية محايدة ونية خالصة.

2)] تمهيد :-

ورد ذكر (الخمس) في القرآن الكريم مرة واحدة فقط وذلك في سورة الأنفال في قوله تعالى: (( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[الأنفال:41]
((إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ))[الأنفال:42].

ومن المعلوم أن سورة (الأنفال) كلها نزلت تعقيباً على معركة بدر الكبرى التي يسميها الله بـ(يوم الفرقان)، والتي هي أول معركة قادها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضد المشركين انتصر فيها المسلمون وغنموا أموال أعدائهم فاحتاجوا إلى معرفة كيفية تقسيمها وتصريفها بعد أن اختلفوا في ذلك وصاروا فريقين ورأيين مختلفين، كما أخبر الله عنهم في مطلع السورة بقوله: (( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ))[الأنفال:1].

ثم في وسط السورة نزلت آية الخمس تبين لهم وتحكم بينهم في ما اختلفوا فيه.

ثم السورة كلها حديث عن تلك المعركة الفاصلة وأحداثها والدروس المستخلصة منها.

وعلى هذا التقسيم سار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حياته كلها والخلفاء الراشدون  من بعده- بما فيهم أمير المؤمنين علي عليه السلام في الأموال التي كانوا يظفرون بها من أعدائهم المحاربين.

ومن الناحية التاريخية، فإنه لا يعرف عن أحد منهم أنه كان يَفرض على مكاسب المسلمين وأموالهم شيئاً اسمه (الخمس)، بل ولا على أموال المسالمين من الكافرين -أهل الذمة- وإنما هي الزكاة والصدقات والخراج والجزية وأمثالها.

ومن خلال متابعتي لهذا الموضوع العلمية والميدانية، وتعرفي على أدلة الفريقين توصلت إلى حقائق مهمة جداً، قد يكون بعضها يكشف عنه النقاب لأول مرة! أحببتُ أن أضعها بين يدي إخواني المسلمين دون تفريق بين طائفة أو مذهب، بل خدمة للحق والحقيقة.

وسأبدأ بالكلام عن حكم خمس المكاسب في النصوص الواردة عن (الأئمة) في المصادر المعتمدة، واختلافه الواضح عنه في فتاوى الفقهاء، ثم أتكلم عن هذا الموضوع عموماً، وهل المقصود به في الآية الكريمة (آية الأنفال) خمس المكاسب أم خمس الغنائم؟