الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة للرد على من سمى نفسه "ربيع الأنوار"، حيث جمع طائفة من أقوال من نسبوا إلى العلم - وغيرهم من المتطفلين المتلبسين بالعلم - ممن استدلوا على استحباب الاحتفال بالمولد النبوي. والرد سيكون على شقين:
الوقفة الأولى: الرد الإجمالي
القسم الأول: آية وحديث تهدمان أصل رسالته
نستند إلى قوله تعالى:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:3].
فنقول: هل كان المولد النبوي جزءاً من الدين الذي أكمله الله في يوم عرفة؟ أم أنه بدعة ظهرت في الدولة الفاطمية في القرن الرابع الهجري بعد انتهاء القرون المفضلة؟ أما الحديث فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"كل بدعة ضلالة" – رواه مسلم، وقوله:
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" – متفق عليه.
فهل المولد النبوي خارج عن هذا العموم؟! الجواب: لا.
القسم الثاني: العبرة بالدليل لا بكثرة القائلين
العبرة ليست بكثرة من قال بجواز المولد، وإنما بالدليل من الكتاب والسنة، فإن الحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق. وقد قال الله تعالى:
{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}. [النساء:59]
الوقفة الثانية: الرد التفصيلي
نذكر جملة من العلماء الذين نصوا على بدعية المولد، منهم:
♦ ابن تيمية: قال إنه من البدع التي لم يفعلها السلف رغم وجود السبب.
♦ الفاكهاني: صرح بعدم وجود أصل شرعي للمولد وأنه بدعة أحدثها البطالون.
♦ الشاطبي، ابن الحاج المالكي، محمد بخيت المطيعي، علي محفوظ، رشيد رضا، شمس الحق العظيم آبادي، بشير الدين القنوجي، الشقيري، ابن إبراهيم، ابن حميد، الألباني، ابن باز، حمود التويجري، إسماعيل الأنصاري، العثيمين وغيرهم كثير.
كل هؤلاء أكدوا أن المولد بدعة محدثة لم يعرفها من عاش في قرون الخيرية.
الخلاصة في الرد الإجمالي:
1- إذا أقر المحتفلون أن المولد أمر محدث، فقد دخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة".
2- وإذا كان الخلاف قائماً، فالمردّ إلى الله ورسوله، لا إلى أقوال الرجال.
♦ السيوطي: قال "عندي" ولم ينسب الفعل إلى الشريعة. قوله بدعة حسنة يخالف عموم الحديث "كل بدعة ضلالة"، والمحبة الحقة للنبي صلى الله عليه وسلم تكون في اتباعه لا في ابتداع ما لم يشرعه.
♦ ابن الجوزي: زعم أن المولد أمان وبركة، وهذا من الغيب الذي لا دليل عليه.
♦ ابن حجر (نقلاً عن السيوطي): قال إن أصل المولد بدعة، وحاول تخريجها على أصل الشكر لله، قياساً على صيام عاشوراء. ولكن هذا القياس فاسد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صامه اتباعاً لموسى لا لأجل يوم بعينه، كما أن فتح هذا الباب يفضي إلى تخصيص أيام لا دليل على تعظيمها.
الرد على من قال ببدعة "حسنة:
البدعة كلها ضلالة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُستثنى منها شيء. وما ذكره بعض السلف من "بدعة حسنة" فهو في المعنى اللغوي لا الشرعي، كما قال عمر رضي الله عنه في جمع التراويح: "نعمت البدعة هذه" وهي ليست بدعة شرعية بل إحياء لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ثم توقف عنه خوف الفرضية.