الحمد لله، وبعد:

في مناقشة أدلة القائلين بجواز الاحتفال بالمولد النبوي، واستعراض أقوال العلماء الذين استُشهد بكلامهم تأييدًا لذلك، نعرض الردود المختصرة التالية:

1-  الإمام السخاوي رحمه الله:

نقل عنه أنه قال: "لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة، وإنما حدث بعدُ، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن يعملون المولد...".
الرد: السخاوي يقر بأن المولد بدعة لم تكن على عهد السلف الصالح. وأما استشهاده بعمل الناس بعد ذلك، فليس حجة، إذ ليس كل ما اعتاده الناس دليلًا على مشروعيته، والمقياس هو الكتاب والسنة. ثم إن عمل المولد لم يكن عامًا في جميع الأقطار، وإنما في بعض البلدان، ولم يتفق عليه أهل الإسلام، بل اختلفوا فيه، وتنوعت فيه البدع والوقوع في الغلو، بل وفي الشركيات.

2-  الإمام ابن الحاج المالكي رحمه الله:

قال: "فكان يجب أن نزداد في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من العبادات..."، وقال أيضًا: "ومن تعظيمه الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد".
الرد: تعبير "يجب" فيه مبالغة، ولا يدل على وجوب شرعي. ولو كان كذلك لاحتاج إلى دليل شرعي صريح. كما أن يوم مولده صلى الله عليه وسلم مختلف فيه بين العلماء، مما يدل على أن الصحابة لم يميزوا هذا اليوم بالاحتفال. فلو كان الاحتفال مشروعًا لعرف يوم المولد بتحديد واضح، ولوقع عليه الاتفاق.

3-  الإمام ابن عابدين رحمه الله:

قال: "من البدع المحمودة عمل المولد الشريف...".

الرد: لا وجود لبدعة حسنة في الدين كما تقدم. والقول بأن الاجتماع على قراءة المولد والصلاة على النبي عبادة مستحبة لا يكون إلا إذا ثبت ذلك بدليل شرعي. تخصيص يوم معين بذلك واعتباره عبادة جماعية من غير دليل، يعد من البدع.

4-  الإمام عبد الرحيم العراقي رحمه الله:

قال: "الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا اقترن بالفرح بمولد النبي".

الرد: نعم، الوليمة مستحبة مطلقًا، لكن تخصيصها بوقت معين تعبديًا دون دليل يعتبر من البدع. فالاستحباب لا يُحمَل على الخصوص إلا بدليل.

5-  الإمام ابن الجزري نقلاً عن السيوطي:

ذكر قصة أبو لهب وأنه يُخفف عنه العذاب يوم الاثنين بسبب فرحه بمولد النبي.
الرد: هذه القصة مرسلة ومنقطعة، ولا يصح الاستدلال بها، وهي رؤية منامية لا حجة فيها. ولو ثبت التخفيف له فليس لمولده صلى الله عليه وسلم، بل لإعتاقه ثويبة فقط.

6-  الإمام أبو شامة:

قال: "من أحسن ما ابتُدع في زماننا ما يُفعل من إظهار الزينة والسرور في يوم مولده".

الرد: هذا إقرار بكون المولد بدعة، ولا ينفع كون البدعة "حسنة" في ميزان الشرع. والفرح بالنبي إنما يكون باتباعه لا بابتداع أمور لم يفعلها السلف الصالح.

7-  الإمام القسطلاني:

قال: "رحم الله امرأً اتخذ ليالي مولده أعيادًا...".

الرد: لا يُشرع في الإسلام سوى عيدين: الأضحى والفطر. ولا يجوز ابتداع أعياد أخرى لم يأذن بها الله، ولا فعلها النبي أو أصحابه.

8-  الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي:

أنشد شعرًا يذكر فيه تخفيف العذاب عن أبي لهب لفرحه بميلاد النبي.
الرد: سبق الرد على هذه القصة، وضعفها من حيث السند والمعنى.

9-  الإمام ابن تيمية رحمه الله:

قال: "قد يفعله بعض الناس ويؤجر على قصده...".

الرد: ابن تيمية لا يُجيز المولد، وإنما يوضح أن الله قد يثيب على قصد المحبة لا على نفس البدعة. وقد صرح ببِدعِيّة المولد في مواضع كثيرة من كتبه، وعدّه من المحدثات.

10-                   الشيخ محمد متولي الشعراوي:

قال: "يحق لنا إظهار الفرح والابتهاج بذكرى المولد كل عام...".

الرد: هذا كلام إنشائي لا دليل فيه. ونحن في دين قائم على البرهان الشرعي لا على العواطف.

11-                   الشيخ محمد علوي المالكي:

قال بجواز الاحتفال بالمولد والاجتماع على المدائح وإطعام الطعام.
الرد: مجرد قول بلا دليل شرعي، والدين لا يُبنى على الأهواء بل على النصوص الشرعية.

12-                   الدكتور البوطي:

قال: "الاحتفال بالمولد نشاط اجتماعي يشبه المؤتمرات والندوات الدينية".
الرد: هذا قياس فاسد، فالندوات والمواعظ أمر معروف منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، بخلاف الاحتفال بالمولد الذي لم يُعرف بينهم، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.