أدلة أهل السنة على تقسيم التوحيد

يتعرض الدين الحق في العصر الحالي لمحاولات تشويه من بعض الفرق الضالة مثل الشيعة الرافضة، الذين يروّجون أحاديث باطلة وغير صحيحة لأغراض سياسية وفكرية، محاولين تشويه التوحيد الحقيقي وتعليم البدع. إن أهل السنة يثبتون توحيد الله تعالى بجميع أقسامه، ويبينون أن التوحيد يشمل توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. هذا التقسيم يستند إلى القرآن الكريم وسنة النبي ﷺ، ويُعد أساسًا لفهم العبادة الصحيحة واتباع أوامر الله دون تحريف أو إضافة بدع. في هذا المقال نعرض أدلة كبار العلماء على تقسيم التوحيد مع تفسيرها الصحيح بما يوضح الفرق بين الإيمان الحق والبدع الضالة.

قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله:

" لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى قال فليستعذ ولينته ﴿قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس هذه الجمل الثلاثة الآيات الثلاث يمكن أن يقال إنها استوعبت أقسام التوحيد ﴿رب الناس توحيد الربوبية ﴿ملك الناس الأسماء والصفات لأن الملك لا يستحق أن يكون ملكا إلا بتمام أسمائه وصفاته ﴿ إله الناس الألوهية "  

- شرح رياض الصالحين – محمد بن صالح عثيمين - ج 1 ص 1667

وقال أيضًا: "ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:

1)     توحيد الربوبية

2)    توحيد الألوهية

3)    توحيد الأسماء والصفات

وقد اجتمعت في قوله تعالى: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً [مريم: الآية 65] "

- القول المفيد – محمد بن صالح العثيمين – ج 1 ص 12

وقال الدكتور فاضل السامرائي:

" وقد جمعت هذه السورة توحيد الربوبية (رب العالمين) وتوحيد الإلوهية (إياك نعبد وإياك نستعين) ولذا فهي حقاً أم الكتاب "  

-لمسات بيانية- الدكتور فاضل صالح السامرائي - ج 1 ص 31

وقال الزرقاني رحمه الله:

" استفادة التوحيد بنوعيه توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية من القصر الماثل في قوله سبحانه: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "

مناهل العرفان في علوم القرآن – محمد عبد العظيم الزُّرْقاني - ج 2 ص 126

وقال البقاعي رحمه الله:

"وهذه دائماً طريقة القرآن يحتج عليهم بإقرارهم بتوحيدهم له في الربوبية والملك على ما أنكروه من توحيد الإلهية والعبادة "

-نظم الدرر- ابراهيم بن عمر بن حسن البقاعي الشافعي - ج 10 ص 76

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"والتوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له وهو متضمن لشيئين أحدهما القول العملي وهو إثبات صفات الكمال له وتنزيهه عن النقائص وتنزيهه عن أن يماثله أحد في شيء من صفاته فلا يوصف بنقص بحال ولا يماثله أحد في شيء من الكمال كما قال تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد سورة الإخلاص فالصمدية تثبت له الكمال والأحدية تنفي مماثلة شيء له في ذلك كما قد بسطنا ذلك في غير هذا الموضع

والتوحيد العملي الإرادي أن لا يعبد إلا إياه فلا يدعو إلا إياه

ولا يتوكل إلا عليه ولا يخاف إلا إياه ولا يرجو إلا إياه ويكون الدين كله لله قال تعالى قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين سورة الكافرون

 وهذا التوحيد يتضمن أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه لا شريك له في الملك"

- الصفدية – ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 2 ص 229

وقال أيضًا: "والرسل دعوا الخلق إلى توحيد الإلهية وذلك متضمن لتوحيد الربوبية كما قال كل منهم لقومه: ﴿اعبدوا الله ما لكم من إله غيره [الأعراف: 59]"

درء تعارض العقل والنقل – ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 5 ص 156

وقال أيضًا: "فَإِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا بَيَانُ حَالِ الْعَبْدِ الْمَحْضِ لِلَّهِ الَّذِي يَعْبُدُهُ وَيَسْتَعِينُهُ فَيَعْمَلُ لَهُ وَيَسْتَعِينُهُ وَيُحَقِّقُ قَوْلَهُ: ﴿ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ وَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ؛ وَإِنْ كَانَتْ الْإِلَهِيَّةُ تَتَضَمَّنُ الرُّبُوبِيَّةَ؛ وَالرُّبُوبِيَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْإِلَهِيَّةَ؛ فَإِنَّ أحدهُمَا إذَا تَضَمَّنَ الْآخَرَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَخْتَصَّ بِمَعْنَاهُ عِنْدَ الِاقْتِرَانِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿ مَلِكِ النَّاسِ ﴿ إلَهِ النَّاسِ "

- مجموع الفتاوى – ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية - ج 10 ص 283 – 284

وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله:

جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ:

 "فَالْجَمْعُ الصَّحِيحُ - الَّذِي عَلَيْهِ أهل الِاسْتِقَامَةِ - هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، فَيَشْهَدُ صَاحِبُهُ قَيُّومِيَّةَ الرَّبَّ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ، يُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِهِ وَحْدَهُ، فَلَا خَالِقَ وَلَا رَازِقَ، وَلَا مُعْطِيَ وَلَا مَانِعَ، وَلَا مُمِيتَ وَلَا مُحْيِيَ، وَلَا مُدَبِّرَ لِأَمْرِ الْمَمْلَكَةِ - ظَاهِرًا وَبَاطِنًا - غَيْرُهُ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، لَا تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يَجْرِي حَادِثٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَلَا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَلَا يَغْرُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا أَحْصَاهَا عِلْمُهُ، وَأَحَاطَتْ بِهَا قُدْرَتُهُ، وَنَفَذَتْ بِهَا مَشِيئَتُهُ، وَاقْتَضَتْهَا حِكْمَتُهُ.

وَأَمَّا جَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، فَهُوَ:

 أَنْ يَجْمَعَ قَلْبَهُ وَهَمَّهُ وَعَزْمَهُ عَلَى اللَّهِ، وَإِرَادَتَهُ، وَحَرَكَاتَهُ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ تَعَالَى، وَالْقِيَامِ بِعُبُودِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ، فَتَجْتَمِعُ شُئُونُ إِرَادَتِهِ عَلَى مُرَادِهِ الدِّينِيِّ الشَّرْعِيِّ

وَهَذَانِ الْجَمْعَانِ: هُمَا حَقِيقَةُ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 5] "

- مدارج السالكين– محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي – ج 3 ص471