المشرك من أشرك بولاية علي
تسعى بعض الفرق الضالة، مثل الرافضة، إلى تحريف الأحاديث والآثار المنسوبة لأهل البيت عليهم السلام، بهدف تأصيل بدع وأفكار مخالفة للقرآن الكريم وسنة النبي ﷺ. ومن أبرز هذه المحاولات، روايات ولاية علي عليه السلام التي يُزعم فيها أن من لم يعتقد بولايته يكون مشركًا. هذا المقال يوضح ضعف هذه الروايات وتناقضها مع القرآن الكريم وسنة النبي ﷺ، ويبين أن الدعوة الإسلامية الصحيحة تبدأ بتوحيد الله والإيمان برسوله، وليس بفرض ولاية شخص على الناس كما تدعي الروايات الشيعية الباطلة.
قال الكليني:
"1- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُهْتَدِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ الرِّضَا (عليه السلام) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مُحَمَّداً (صلى الله عليه وآله) كَانَ أَمِينَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ........ وَاسْتَوْدَعَنَا عِلْمَهُمْ نَحْنُ وَرَثَةُ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ أن أَقِيمُوا الدِّينَ يَا آلَ مُحَمَّدٍ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ وَكُونُوا عَلَى جَمَاعَةٍ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَنْ أَشْرَكَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ وَلَايَةِ عَلِيٍّ أن اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ مَنْ يُجِيبُكَ إلى وَلَايَةِ عَلِيٍّ (عليه السلام) "
الكافي – الكليني - ج 1 ص 223 - 224، وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – حسن – ج 3 ص 14
لقد أخبرنا الله تعالى في القرآن أن المشركين كانوا يستكبرون على عبادة الله تعالى، قال تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36): الصافات ﴾، فكيف تكون دعوتهم إلى ولاية علي رضي الله عنه، وهم أصلا مستكبرون عن عبادة الله وحده، فالأصل في ذلك أن يدعوهم إلى توحيد الله تعالى، ثم الايمان بنبوة النبي صلى الله عليه واله وسلم، ثم تعاليم الاسلام الباقية، وما جاء في الرواية الرافضية غير معتبر أصلا لمخالفته لسياق القرآن، وكذلك للواقع في حياة النبي صلى الله عليه واله وسلم، فقد كان أهل الشرك لا يؤمنون بنبوة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، فكيف يدعوهم لولاية علي رضي الله عنه وهم لم يؤمنوا بنبوته أصلا؟ !!!.
وفي تفسير القمي:
"حدثنا جعفر بن أحمد عن عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) قال: سألته عن قول الله لنبيه "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " قال: تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي من بعدك ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين "
84 - تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي - ج 2 ص 251
وقال الفيض الكاشاني:
"﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: 65] ................................
وعن الباقر عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية عليّ عليه السلام من بعدك ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين "
تفسير الصافي - الفيض الكاشاني – ج 4 ص 328
وفي الإمامة والتبصرة:
"80 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد: عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام، قال: من أشرك مع إمام - إمامته من عند الله - من ليس إمامته من عند الله كان مشركا بالله "
86 - الإمامة والتبصرة - ابن بابويه القمي – ص91
من المعلوم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالآية الكريمة يدخل فيها كل أهل الاسلام، فهل حبط عمل أهل الاسلام لانهم لا يدعون إلى ولاية علي رضي الله عنه وفق ما يعتقده الرافضة، وهل تكون الدعوة إلى ولاية ابي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم محبطة للعمل؟ !، وهل يكون أهل السنة من المشركين لانهم يقولون بإمامة ابي بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم؟ !!!. سبحانك هذا بهتان عظيم، وتكفير صريح لأهل السنة نعوذ بالله من الرفض وأهله.
وقال المجلسي:
" 23 - تفسير علي بن إبراهيم: أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبان أن الله لا يطلب من المشركين زكاة أموالهم وهم يشركون به حيث يقول: " وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون " قلت له: كيف ذاك جعلت فداك؟ فسره لي، فقال: ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأول، وهم بالأئمة الآخرين كافرون، يا أبان إنما دعا الله العباد إلى الايمان به فإذا آمنوا بالله وبرسوله افترض عليهم الفرائض.
بيان: فسر عليه السلام المشرك بمن أشرك مع الإمام الحق إماما آخر، والآخرة بالأئمة الآخرة، وهذا بطن من بطون الآية، ويدل الخبر على أن المشركين بالله غير مكلفين بالفروع، والمخالفين مكلفون بها، وهو خلاف المشهور بين الإمامية ويمكن حمله على أن المراد أن تكليف الذين لا يعرفون الله ورسوله بالأيمان بهما أهم واكد من دعوتهم إلى الفروع، لا أنهم غير مكلفين بها، وهذه القدر كاف لتأييد كون المراد بالمشرك المعنى الذي ذكره عليه السلام "
بحار الأنوار - المجلسي - ج 23 ص 83 – 84، وتفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي - ج 2 - ص 262
وما ذكره هذا الرافضي فهو مخالف للقرآن، فالآية الكريمة المباركة تحث على التوجه لله تعالى وحده لا شريك، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [فصلت: 6]، وما جاء به هذا الرافضي إنما هو محض افتراء على أئمة أهل البيت رضي الله عنهم، بل هذا من صنع الباطنية الزنادقة الذين يريدون هدم الاسلام.
عن أبي عبد الله قال ﴿ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك﴾ يعني أن أشركت في الولاية غيره. ﴿بل الله فاعبد وكن من الشاكرين﴾ يعني بل الله فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك وابن عمك«
(الكافي 1/353 تهذيب الأحكام 3/35 تفسير فرات370).
ويزعم المجلسي أن الخطاب في الآية ليس موجها إلى النبي وإنما إلى أمته (بحار الأنوار13/220).
الشبهة:
|
أن القرآن وأهل البيت عليهم السلام اعتبروا من لم يؤمن بولايته مشركًا. |
الرد:
القرآن الكريم يأمر أولًا بتوحيد الله والإيمان برسوله ﷺ، وليس بفرض ولاية شخص على الأمة: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾
الدعوة إلى ولاية علي عليه السلام كما في الروايات الشيعية تتناقض مع الواقع التاريخي، إذ أن أهل الشرك لم يؤمنوا برسالة النبي ﷺ، فكيف يُزعم دعوتهم لولاية علي؟
تعميم هذا الخطاب على كل المسلمين يعد بهتانًا وكفرًا صريحًا بأهل السنة والجماعة.