الرد بطريقة علمية قوية على الحاقدين على الإسلام، الذين يطعنون في ريحانة بيت النبوة، أم المؤمنين؛ الصديقة عائشة رضي الله عنها - إنما هو في الحقيقة دفاعٌ عن شرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفاع عن الإسلام جملة وتفصيلًا، وسوف نذكر بعض الشُّبُهات والطعون التي أثارها الحاقدون على الإسلام ضد الطاهرة العفيفة أمِّ المؤمنين عائشةَ زوجةِ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ونذكر الرد على هذه الشبهات والطعون، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

 

الشبهة الأولى: إذاعة عائشة لسرّ النبي صلى الله عليه وسلم

الطعن: قال الطاعنون إن عائشة رضي الله عنها أفشت سر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الرد:

1- ثبوت الحادثة: نعم، ثبت في الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن المرأتين المعنيتين في قوله تعالى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ هما عائشة وحفصة؛ [البخاري: 2468، مسلم: 1479].

2- الرد العلمي: أصحاب هذه الشبهة يَعرضون النص ويُسقطون سياقه. التوبة التي دعاهما الله إليها قد تحققت، فالآية دالة على وقوع الخطأ، لكنها أيضًا تشير إلى رجوع وتوبة. وهذا ليس مستغربًا؛ فقد تاب الله على من هم دون منزلتهما، فكيف لا تُقبل توبتهما؟! وقد بشّرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وهو ما يدل على سمو منزلتهما في الدين؛ [منهاج السنة النبوية، ج4، ص313].

الشبهة الثانية: قول النبي لعائشة إنها تقاتل عليًا وهي ظالمة له

الطعن: يدّعي بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: "تقاتلين عليًا وأنتِ ظالمة له".

الرد:

1- عدم صحة الرواية: هذا الحديث لا أصل له في كتب السنة الموثوقة، ولا يُعرف له سند، وهو من الموضوعات المكذوبة.

2- نية عائشة: لم تخرج عائشة رضي الله عنها للقتال، بل خرجت للإصلاح بين المسلمين. ولما تبين لها أن الخروج لم يكن في مصلحتهم، ندمت أشد الندم. كانت تبكي إذا تذكرت ذلك الموقف حتى يبتل خمارها من الدموع؛ [منهاج السنة، ج4، ص316].

3- الفتنة وقعت بدون قصد: المعركة في الجمل وقعت بسبب فئة قتلة عثمان الذين هاجموا المعسكر ظنًا منهم أن هناك اتفاقًا على القصاص منهم، ولم يكن القتال من الطرفين مقصودًا.

 

الشبهة الثالثة: مخالفة عائشة لقوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾

الطعن: خالفت عائشة هذا الأمر بالخروج من بيتها في وقعة الجمل.

الرد:

1- الخروج لمصلحة شرعية: عائشة لم تخرج للتبرج، وإنما خرجت تظن أن في خروجها مصلحةً للإصلاح بين المسلمين.

2- سفر النبي بزوجاته: الآية نزلت والنبي ما زال يُسافر بأزواجه، بل سافر بعائشة في حجة الوداع وأرسل معها أخاها عبدالرحمن للعمرة، وهذا دليل على جواز الخروج للمصلحة؛ [منهاج السنة، ج4، ص318].

 

الشبهة الرابعة: خروج عائشة لقتال عليّ

الطعن: يدعي البعض أن عائشة خرجت بجيش لقتال عليّ بن أبي طالب بلا ذنب.

الرد:

1- نفي النية القتالية: لم تخرج عائشة للقتال، ولا قصد طلحة ولا الزبير القتال، وإنما خرجوا للمطالبة بدم عثمان رضي الله عنه.

2- نص القرآن: قال الله تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾، وسمّى الطرفين مؤمنين رغم الاقتتال، فلم يُسقط عنهم الإيمان؛ [الحجرات: 9]، [منهاج السنة، ج4، ص321].