يُعَدّ حديث رزية الخميس من الأحاديث الصحيحة الثابتة في "الصحيحين"، وقد استغله الرافضة في إثارة الشبهات حول الصحابة رضي الله عنهم، وزعموا أنه يكشف عن امتناع بعضهم عن الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم. غير أن التدبر في نصوص الحديث يظهر بوضوح أن سبب عدم كتابة الكتاب لم يكن عصيانًا أو مخالفةً، وإنما كان نتيجة التنازع واللغط الذي وقع بين الحاضرين، وهو ما صرّح به ابن عباس رضي الله عنهما. وهذا المعنى يؤكد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما نهى عن التنازع بقوله: «قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع». ومن هنا يتضح أن الأمر لا يطعن في الصحابة ولا يبرر دعوى الرافضة.
اخترنا لكم من موقع السقيفة:
العباس والفضل وعلي بن أبي طالب موجودون برزية الخميس
العباس والفضل وعلي بن أبي طالب موجودون برزية الخميس
في الصحيحين:
" 5669 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي البَيْتِ رِجَالٌ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ» فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلاَفَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا» قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الكِتَابَ، مِنَ اخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ»33
" صحيح بخاري - بَابُ قَوْلِ المَرِيضِ قُومُوا عَنِّي– ج 7 ص 120، وصحيح مسلم - بَابُ تَرْكِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ - ج 3 ص 1259
نأخذ من هذا النص إلزام مهم جدا، الا وهو ((فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ َاخْتَصَمُوا)) والامامية دائما يقولون بان اهل البيت هم اصحاب الكساء، فهل يجوز اختلاف اهل البيت في الامتثال لأمر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم؟!!!.
لقد بين ابن عباس رضي الله عنه في هذه الرواية ان الذي حال بين رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وبين ان يكتب لهم الكتاب هو كثرة الاختلاف، واللغط الذي حدث بين الموجودين، وقد جاءت رواية عند الامام البخاري تبين وتوضح ان تنازع الموجودين هو السبب الحقيقي لعدم كتابة الكتاب.
قال الامام البخاري:
" 114 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ قَالَ: «ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ» قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا. فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ، قَالَ: «قُومُوا عَنِّي، وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ» فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كِتَابِهِ» "
649 - صحيح بخاري - كتاب العلم باب كتابة العلم – ج 1 ص 34 .
ولقد وقع التنازع عندما اراد النبي صلى الله عليه واله وسلم اخبار الصحابة بتعيين ليلة القدر، وكان اثر هذا التنازع رفع تعيين ليلة القدر لا اكثر، بل كان فيه الخير للامة كما اخبر النبي صلى الله عليه واله وسلم ’ بالتماس هذه الليلة المباركة فيكثر العبد من العبادة في اكثر من ليلة واحد.
قال الامام البخاري:
" 2023 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: «خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالخَامِسَةِ»»
" صحيح البخاري - بَابُ رَفْعِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ القَدْرِ لِتَلاَحِي النَّاسِ – ج 3 ص 47