من أبطل ما نسبه الشيعة إلى أهل البيت عليهم السلام عقيدة "خروج القائم" في آخر الزمان، والتي اخترعوها لتبرير غياب إمامهم المزعوم ابن الحسن العسكري، الذي لم يولد أصلاً. وقد ملأ القوم كتبهم – وعلى رأسها "الكافي" للكليني – بروايات مختلقة تزعم أن هذا القائم سيخرج ليقتل ذراري قتلة الحسين، بل ويحيي آباءهم ليعيد قتلهم، بل ويفتري على أهل البيت بأن القائم سيعود لينتقم من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ويجلدها، حاشاهم من ذلك. بل تجاوزوا ذلك إلى تصويره كأنه يقود الملائكة وعلى رأسهم جبريل وميكائيل، وأنه يفرض سلطته على الناس بالقتل والتشريد والانتقام. وهذه العقيدة الباطلة تخالف صريح القرآن الكريم، الذي بيّن أن علم الساعة وقيامها عند الله وحده، وأن شريعة الإسلام قد كملت وتمت، ولا مكان لمثل هذه الأساطير التي تُلصق زوراً وبهتاناً بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. إنها خرافة سياسية عقائدية صنعتها أيدي الغلاة، ونسبوها إلى أهل البيت الذين تبرؤوا من ادعاء علم الغيب أو سفك الدماء بغير حق.
خروج القائم:
ومن أكاذيبهم على أهل البيت أنهم نسبوا إليهم الأقوال والروايات التي تنبئ بخروج القائم من أولاد الحسن العسكري الذي لم يولد له مطلقاً في آخر الزمان، وإحيائه أعداء أهل البيت وقتله إياهم حسب زعمهم.
كما أورد الكليني - محدث القوم وبخاريهم - عن سلام بن المستنير قال:
سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدث إذا قام القائم عرض الإيمان على كل ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة وإلا ضرب عنقه، أو يؤدي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمة، ويشد على وسطه الهميان ويخرجهم من الأمصار إلى السواد"
["الروضة من الكافي" ج8 ص227].
ولا هذا فحسب، بل أورد الصافي مفسر القوم رواية عن جعفر أيضاً أنه قال:
إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائهم" ["تفسير الصافي" سورة البقرة ج1 ص172].
هذا ولا يكتفي على قتل ذراريهم، بل يحيي آباءهم ويقتلهم كما روى المفيد كذباً على جعفر بن الباقر أنه قال:
إذا قام القائم من آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم فأقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة فضرب أعناقهم، ثم خمسمائة أخرى حتى يفعل ذلك ست مرات"
["الإرشاد" للمفيد ص364].
ولقد أورد العياشي أنه يقتل أيضاً يزيد بن معاوية وأصحابه كما يقول:
قال أبو عبد الله عليه السلام: إن أول من يكر إلى الدنيا الحسين بن علي عليه السلام وأصحابه ويزيد بن معاوية وأصحابه، فيقتلهم حذو القذة بالقذة"
[تفسير العياشي" ج2 ص280 تحت قوله تعالى: {ثم رددنا لكم الكرة عليهم}، أيضاً "البرهان" ج2 ص408، أيضاً "الصافي" ج1 ص959].
ولم يقتنع القوم بهذه الأكاذيب، ولم يشف غليلهم حتى بلغوا إلى أقصاه، فافتروا على محمد الباقر أنه قال:
أما لو قام قائمنا ردت الحميراء (أي أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها) حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد صلى الله عليه وسلم فاطمة عليها السلام منها، قيل: ولم يجلدها ؟ قال: لفريتها على أم إبراهيم، قيل: فكيف أخره الله للقائم (ع)؟ قال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة، وبعث القائم عليه السلام نقمة"
["تفسير الصافي" سورة الأنبياء ج2 ص108].
كما أنهم حكوا روايات كثيرة باطلة، ونسبوها إلى أئمتهم نذكر منها واحداً أن أبا جعفر الباقر قال:
كأني بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره والمؤمنون بين يديه، وهو يفرق الجنود في البلاد ….. وأول من يبايعه جبرائيل"
["روضة الواعظين" ج2 ص364، 365، "الإرشاد" ص364].