من أوضح معالم التوحيد في الإسلام أن السجود عبادة لا تصرف إلا لله وحده، وقد جاء النهي القرآني القاطع: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾.
ومع ذلك نجد في التراث الشيعي تناقضًا صارخًا في الموقف من السجود لغير الله: فبينما يرى بعضهم أن السجود على قبر الحسين "ينور الأرض السابعة"، يحكم آخرون كـالخوئي بأنه شرك في العبادة، بل ويصف ما يفعله العوام عند الأضرحة بأنه "مشكل". هذا التخبط يثير تساؤلات عميقة: هل يجوز السجود لغير الله بحجة التعظيم أو الاحترام؟ وهل يمكن أن يُستثنى الأئمة من النهي الإلهي؟ وإذا كان السجود خضوعًا مطلقًا لا يليق إلا بالله، فكيف يبرر هؤلاء ما يقوم به عوام الشيعة من التذلل على الأعتاب المقدسة؟ المقال التالي يناقش هذه الإشكالية بعمق، مستعرضًا النصوص والروايات المتناقضة، ليكشف أن الخلل ليس في وضوح التوحيد، بل في محاولة تبرير الانحراف عنه.
زعم المجلسي أن معنى قوله تعالى ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ أي «لا تسجد لأحد غير الله» (بحار الأنوار81/196).
مقالات السقيفة ذات صلة: |
شبهة حديث الرؤية والتجلي الإلهي |
فهل يعني هذا أن السجود لأحد مع الله عند الشيعة شرك؟
هل المرأة تؤله زوجها:
قال رسول الله e «لو أمرت أحدا – وفي رواية – لو كنت آمرا أحدا - أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» (الكافي5/507 فقيه من لا يحضره الفقيه للصدوق3/277 وسائل الشيعة14/111 الحدائق الناضرة22/121 وسائل الشيعة للحر العاملي6/385 الاختصاص 296 للمفيد).
تناقضهم حول جواز السجود لغير الله:
بينما نفي السبحاني أن يكون السجود للنبي شركا إلا بقصد التأليه (بحوث في التوحيد والشرك) وإلا كان محرما لا شركا. وبينما يجوز الأردبيلي السجود لغير الله (زبدة البيان ص 402)
وبينما يروي الكركي «السجود على قبر الحسين ينور الأرض السابعة» (رسائل علي بن الحسين الكركي2/100).
يناقضهما الخوئي فيجعله شركا في العبادة. ويعترف بأن ما يفعله الشيعة من السجود عند قبر أمير المؤمنين مشكل (كتاب الصلاة4/258-259). ويحرمه مطلقا محتجا بأن مناط منع السجود لغير الله هو المخلوقية، فيعم ما سوى الله محتجا الخوئي بحديث (لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).
ومعتبرا أن سجود الملائكة كان للقبلة التي كان عليها آدم. وأن سجود إخوة يوسف كان شكرا لله لا ليوسف.
ومرة أخرى يعترف في (منهاج الصالحين1/197 مسألة رقم (659) بأن الشيعة يسجدون لقبور المعصومين لكنه هذه المرة يحاول إقناع نفسه بأن السجود لا بد أن يكون شكرا لله على توفيقهم لزيارة الأئمة. وقال مثله محمد الروحاني في منهاج الصالحين1/194 وقال مثله محسن الحكيم (مستمسك العروة6/432).
ولو كان كما يزعم فلماذا اعترف فيما سبق بأنه مشكل؟
الخوئي كذاب متناقض:
غير أن الخوئي قد كذب كذبة واضحة، فقد أنكر الخوئي أن يكون الشيعة يسجدون عند قبور الأئمة فقال «وأما ما ينسب إلى الشيعة الإمامة من أنهم يسجدون لقبور أئمتهم فهو بهتان محض، ولسوف يجمع الله بينهم وبين من افترى عليهم وهو أحكم الحاكمين. ومنهم من أفرط فزعم أنهم يأخذون التراب من قبور أئمتهم فيسجدون له» (البيان في تفسير القرآن ص472).
اعتراف آخر بتذلل الشيعة على الأعتاب المقدسة:
قال النائيني فميا نقله عن الكاظمي في إفاداته «ما يفعله بعض العوام من وضع الجبهة والخدين على وجه الخضوع والتذلل في الأعتاب المقدسة لا يبعد صدق السجود عليه فاللازم ترك ذلك» (كتاب الصلاة – من إفادات النائيني لمحمد حسين الكاظمي2/154).
عمل القلب أعظم من عمل الجوارح:
ولذلك كان فيمن قبلنا سجود بنية التقدير لا بنية العبادة. بخلاف عدم الإخلاص كتوجه القلب إلى غير الله فإنه شرك. وكذلك شرك الدعاء فإنه أعظم من سجود الاحترام والتعظيم.