من أعظم الشهادات التي نُقلت في حق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، شهادة حَبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، الذي أكد رضى رسول الله ﷺ عن عمر وحسن صحبته له، كما شهد له بالفضل والمكانة في العلم والدين. إن هذه الشهادة جاءت موثقة في أصح كتب الحديث، كالصحيحين وغيرهما، لتكون دليلاً قاطعًا على عظيم منزلة عمر رضي الله عنه عند الله ورسوله، وعلى محبة الصحابة له، ومنهم ابن عباس نفسه.
وقد ورد عن راوي الحادثة، والشاهد عليها، وهو حبر الامة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما شهادته لعمر رضي الله عنه برضى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليه.
شهادة ابن عباس لعمر برضى النبي ﷺ
ففي صحيح الامام البخاري:
" 3692 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ...... "
صحيح البخاري – بَابُ مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَبِي حَفْصٍ القُرَشِيِّ العَدَوِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – ج 5 ص 12
وفيه: " 581 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ» "
صحيح البخاري – بَابُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ - ج 1 ص 120
من مختارات السقيفة |
ولاية الأئمّة بين النصوص الشيعية وإشكالية الغياب تعاليم الأئمة كالقرآن عند الخميني التقليد والدعاء والاستغاثة بغير الله و أسئلة حول الأئمة والأنبياء |
ثناء ابن عباس على عمر ومحبته له
وفي صحيح مسلم:
" 286 - (826) وحَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، جَمِيعًا عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ دَاوُدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَكَانَ أَحَبَّهُمْ إِلَيَّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ» "
صحيح مسلم - بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا – ج 1 ص 566
فهذه شهادة راوي الحديث، والشاهد على الحادثة حبر الامة ابن عم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لعمر رضي الله عنه بحسن صحبة رسول الله، ورضى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليه، وكذلك رضى ابن عباس ومحبته لعمر رضي الله عنهم، وكذلك قد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما انه ان لم يجد الحكم الشرعي في نص الكتاب، او السنة، فانه يأخذ بقول ابي بكر وعمر رضي الله عنهما، ففي سنن الامام الدارمي بسند صحيح كما قال الاستاذ حسين سليم اسد محقق الكتاب،
ابن عباس يأخذ بقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
ومصنف الامام ابن شيبة:
" 168 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، «إِذَا سُئِلَ عَنِ الْأَمْرِ فَكَانَ فِي الْقُرْآنِ، أَخْبَرَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُرْآنِ وَكَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، قَالَ فِيهِ بِرَأْيِهِ» "
سنن الدارمي - تحقيق حسين سليم اسد – ج 1 ص 265، ومصنف ابن أبي شيبة - أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة - ج 7 ص 242
دلالة هذه الشهادات:
1) تثبت هذه الروايات أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان محل رضى رسول الله ﷺ.
2) تؤكد على محبة الصحابة الكبار لعمر رضي الله عنه، وعلى رأسهم ابن عباس.
3) تبين أن ابن عباس كان يرجع في الفتوى إلى قول أبي بكر وعمر إن لم يجد نصًا من الكتاب أو السنة.
4) تسقط دعاوى المبغضين لعمر رضي الله عنه، وتؤكد مكانته العظيمة في الإسلام