تُعَدّ ظاهرة تفضيل زيارة القبور – وعلى رأسها زيارة قبر الحسين رضي الله عنه – على فريضة الحج إلى بيت الله الحرام من أخطر الانحرافات العقدية التي رسّخها علماء الشيعة عبر القرون. فقد امتلأت كتبهم بروايات تفضّل تراب كربلاء على الكعبة، وتسوّي بين زيارة القبر وأعظم أركان الإسلام، بل تحثّ الناس صراحة على ترك الحج والاكتفاء بزيارة الحسين. ويهدف هذا المقال إلى كشف حقيقة هذه الروايات، وبيان تعارضها مع القرآن والسنة والإجماع، وفضح أثرها على عقيدة أتباع المذهب، وتوضيح كيف تحوّلت الشعائر عندهم إلى بديل ينافس – بل يزاحم – ما أمر الله به من حجّ بيته الحرام
من كتاب زيارة قبر الحسين عليه السلام وتكامل روح المؤمن بحوث سماحة آية الله الشيخ محمد السند من إصدارات مركز الأمير (ع) الثقافي – النجف الأشرف سلسلة الشعائر الحسينية صـ32
◘ وروي الشيخ في "المصباح" عن المفضل بن عمر، عن الحسن العرزمي، عن أبي عبدالله (ع) أنه نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة يوم عرفة، فقال:
«أما والله لو كنتُ يومئذٍ بمكة ما نظرتُ نظرةً. تعالوا إلى الزوار والحطيم! فأما الحطيم: ما بين الركن والمقام. ارجعوا مغفوراً لكم ولا تقطعوا رحلةً أخرى».
◘ ويروي الشيخ بسنده عن ميسر بن عبدالعزيز، عن رفاعة بن موسى، قال:
خرجتُ مع علي بن عبدالله، فقال لي: يا رفاعة، أما حججت هذا العام؟ قلت: بلى. قال: هل أتيت قبر الحسين (عليه السلام)؟ قلت: لا. ما كان عندي مال.
فرفعته حتى وضعته على ثنية كَذا، ثم قال: «لو كان أهل منى يعلمون ما أعلم لَأخذوا التراب من عند قبر الحسين (عليه السلام)».
قال: ثم قال لي: «يا رفاعة، أما تعلم أن لله ملائكة عشّاراً، لا يكتبون على من حجّ وترك زيارة الحسين (ع) شيئاً؟».
ثم خرج من الكوفة وسكنت مكاني.
فجاء — يعنون الحسين (عليه السلام) — إلى شفير الفرات، فاغتسل ولبس حلّة سَيراء، ثم مشى حتى وقف بين الركن والمقام، فحمد الله وأثنى عليه.
