من القضايا التي يكثر الحديث حولها مسألة التسبيح بالسبحة أو الحصى أو النوى، وهل ورد عن النبي ﷺ ما يدل على إقرار ذلك أو تفضيل الأصابع عليه. وقد تداول بعض الباحثين رواية تفيد دخول النبي ﷺ على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فأخبرها بما هو أيسر وأفضل. غير أن هذه الرواية مدار نقاش علمي من حيث صحة الإسناد وثبوت المتن. في هذا المقال نسلط الضوء على تخريج الحديث، بيان علته، وموقف العلماء منه، مع توضيح الفهم الصحيح لهذه المسألة .

نص الرواية:

روى أبو داود (1/235) والترمذي (4/277) عن أحمد بن صالح، قال: ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو أن سعيد بن أبي هلال حدثه عن خزيمة، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، عن أبيها:

«أنه دخل مع رسول الله ﷺ على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟ فقال: سبحان الله عدد ما خلق في السماء...». (رواه أبو داود1/235 والترمذي4/277).

حكم الرواية:

هذه الرواية ضعيفة؛ وذلك لوجود خزيمة في السند، وهو راوٍ مجهول، كما أفاد الحافظ ابن حجر في التقريب (ترجمة 1712).

تفرد عنه سعيد بن أبي هلال، ورغم أنه ثقة إلا أن الإمام أحمد ذكر أنه قد اختلط.

بناءً على ذلك فإن تصحيح الحاكم للرواية في المستدرك، وموافقة الذهبي له، هو من مواطن الخطأ، إذ أن العلة واضحة في السند.

مناقشة الحديث:

1)   الحديث لو صح لا يدل على إبطال التسبيح بالحصى أو السبحة، وإنما على تفضيل ذكر آخر عليه.

2)  التسبيح بالسبحة أو الحصى لم يرد نهي صحيح عنه، وقد ثبت أن بعض الصحابيات كُنّ يسبحن بالحصى ولم ينكر عليهن النبي ﷺ.

3) جمهور العلماء يرون أن التسبيح بالأصابع أولى؛ لحديث النبي ﷺ: «اعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات» (رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني).

الخلاصة:

الرواية التي يستدل بها بعضهم على إقرار النبي ﷺ للسبحة ضعيفة الإسناد.

التسبيح المشروع يكون بالأصابع، وهو الأفضل والأكمل.

لا يصح التشدد في إنكار السبحة، فهي وسيلة مباحة، لكن الأولى تركها والأخذ بما ورد في السنة الصحيحة.