مسألة الاستغاثة بغير الله والاعتقاد بما يُسمى "الولاية التكوينية" من القضايا العقدية التي تعتبرها أهل السنة من الشركيات والاستغاثة بغير الله.
فقد وردت في بعض المرويات نصوص صريحة تجعل للأئمة أو بعض الشخصيات قدرةً على التصرف في شؤون الكون والحياة، ومن ثم تجيز الاستغاثة بهم وطلب الحاجات منهم مباشرة.
وهذه المسألة تعتبر من الشركيات عند عرضها على أصول العقيدة الإسلامية، التي تقوم على توحيد الله في الربوبية والألوهية، وأنه وحده سبحانه المتصرف في الكون والنفع والضر. في هذا المقال نعرض بعض هذه النصوص كما وردت بنصها مع ضبطها وتنسيقها، ثم نختم بنبذة تحليلية موجزة.
النصوص كما وردت في المصادر:
أجاب المرجع محمد صادق الروحاني على سؤال حول الاستغاثة، فقال:
س: نقرأ في دعاء الجوشن الكبير "الغوث الغوث خلصنا من النار يا رب" وفي صلاة الاستغاثة بفاطمة الزهراء عليها السلام "يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني"..
أفلا يعد هذا شركاً صريحاً ومخاطبة لله وفاطمة بنفس الصيغة و اللهجة؟
باسمه جلت اسمائه:
"لا شبهة في أن الثابت من الأدلة القطعية الشرعية للسيدة فاطمة سلام الله عليها وسائر المعصومين (عليهم السلام) الولاية التكوينية؛ والمراد بها كون زمام أمر العالم بأيديهم، ولهم السلطنة التامة على جميع الأمور بالتصرف فيها كيفما شاؤوا إيجادًا وإعدامًا، وكون عالم الطبيعة منقادًا لهم، ولكن لا بنحو الاستقلال بل في طول قدرة الله تعالى وسلطانه واختياره، بمعنى أن الله تعالى أقدرهم وملكهم كما أقدرنا على الأفعال الاختيارية، وكل زمان سُلب عنهم القدرة أو لم يُفضها عليهم انعدمت قدرتهم وسلطنتهم، وبذلك فإن الاستغاثة بالسيدة سلام الله عليها لا يستلزم الشرك."
الروحاني، الاستفتاءات
س: هل يجوز عند قبر النبي (ص) أو عند قبور الائمة (ع) الدعاء بالرزق مثلا أن تقول يا نبي الله إرزقني و أعطني و...الخ مع العلم بأن الرزاق هو الله سبحانه و تعالي و إنك تدعوا النبي والأئمة بالرزق لما لهم من شأن عظيم و منزلة عند الله و إذا كانا هذا جائزان، أرجوا إثبات ذلك من القران أو السنة؟
مختارات من مقالات السقيفة |
- هل ينفع النبي عندكم أيها الشيعة؟ - الكذب والغيبة عند الشيعة من مفطرات الصيام - إلزام (إسحاق هو ذبيح الله وليس اسماعيل عليهما السلام) |
وفي جواب آخر عن الدعاء عند القبور:
"إن كان كلمة (ارزقني وأعطني) خطابًا للنبي صلى الله عليه وآله بما أن الله تعالى أعطاه الولاية التكوينية، وهي السلطنة التامة على جميع الأمور بالتصرف فيها كيفما شاء إيجادًا وإعدامًا، وكون عالم الطبيعة منقادًا له، لا بنحو الاستقلال بل في طول قدرة الله تعالى وسلطانه واختياره… فلا إشكال في شيء من هذا القبيل. بل هو واقع كثيرًا، ومن هذا الباب معجزات الأنبياء والأولياء. وقد دل الكتاب الكريم على ثبوت ذلك لأشخاص. عليك بمراجعة سورة النمل آية (40)، وسورة ص آية (38)، وسورة آل عمران آية (49)."
الروحاني، الاستفتاءات
الآيات القرآنية المستشهد بها:
◘ ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ [النمل: 40].
◘ ﴿وَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ﴾ [ص: 36-38].
◘ ﴿وَأَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: 49].