من المسائل التي أثارت جدلاً واسعاً في التراث الشيعي مسألة التسمية بالأسماء، وما تحمله من دلالات عقائدية تتعلق بالولاء والبراءة. فقد ورد في كتبهم أن تسمية الأبناء بأسماء أعداء أهل البيت تورث السرور للشيطان وتُعد علامة على البُعد عن الحق، بينما التسمية بأسماء الأئمة والأنبياء تزيد القرب من الله عز وجل. وفي المقابل نجد أن مصادرهم المعتبرة تنقل أن بعض الأئمة أنفسهم سمّوا أبناءهم بأسماء تتطابق مع أسماء الخلفاء الثلاثة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، الذين يُصوَّرون في كتبهم بأنهم من أعداء أهل البيت. وهنا يظهر التناقض الواضح بين النظرية والتطبيق في الموروث الشيعي.

مراجع الشيعة المعاصرون ساروا على نفس المنهج الروائي. فقد جاء في موقع السيد علي السيستاني أن من حق الولد على أبيه أن يُسمى بأحسن الأسماء، وأفضلها أسماء الأنبياء والأئمة، وتُكره التسمية بأسماء أعداء الإسلام وأهل البيت.

قد يقال إن التسمية لا تعني المحبة، ولكن عند مراجعة كتبهم نجد ما يخالف هذا. فقد روى *مستدرك الوسائل* (ج 12 ص 219) عن الإمام الصادق أنه قال: "إي والله وهل الدين إلا الحب!" في معرض جوابه عن التسمية بأسماء الأئمة. وهذا يدل على أن التسمية بحسب اعتقادهم دلالة على الحب والموالاة. فإذا كان الأمر كذلك، فإن تسمية الإمام علي لأبنائه بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان، تكون دليلاً على المحبة والاحترام لا على العداء.

مختارات من مقالات السقيفة

  - هل ينفع النبي عندكم أيها الشيعة؟

الكذب والغيبة عند الشيعة من مفطرات الصيام

إلزام (إسحاق هو ذبيح الله وليس اسماعيل عليهما السلام)

إلزام: لماذا الولاية ليست ضمن أركان الإسلام الخمس

روايات الشيعة في تفسير "أولي الإربة" وتناقضها

جاء في وسائل الشيعة:

 (ج 21 ص 397 باب كراهة التسمية بالحكم وحكيم وخالد ومالك وحارث ويس وضرار ومرة وحرب وظالم وضريس وأسماء أعداء الأئمة عليهم السلام):

 (27402) 4 وقد تقدم في حديث جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال:"إن الشيطان إذا سمع منادياً ينادي باسم عدو من أعدائنا اهتز واختال".

وهذا النص يقرر أن الشيطان يفرح ويختال إذا سُمّي أحدٌ بأسماء من عُدّوا من أعداء الأئمة وأهل البيت.

وكذلك جاء في الكافي (ج 6 ص 20) في باب "الأسماء والكنى":

12 الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن مسلم، عن الحسين بن نصر، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال:

"أراد أبو جعفر عليه السلام الركوب إلى بعض شيعته ليعوده، فقال: يا جابر ألحقني، فتبعته، فلما انتهى إلى باب الدار خرج علينا ابن له صغير، فقال له أبو جعفر عليه السلام: ما اسمك؟ قال: محمد.

قال: فبما تكنى؟ قال: بعلي. فقال له أبو جعفر عليه السلام: لقد احتظرت من الشيطان احتظاراً شديداً، إن الشيطان إذا سمع منادياً ينادي: يا محمد، يا علي، ذاب كما يذوب الرصاص، حتى إذا سمع منادياً ينادي باسم عدو من أعدائنا اهتز واختال".

فالسؤال المطروح هنا:

 هل يليق بالأئمة الذين يعتقد الشيعة بعصمتهم أن يسمّوا أبناءهم بأسماء من يزعمون أنهم أعداء أهل البيت، فيفرح بذلك الشيطان ويختال؟

لقد نقل الطبرسي وغيره من علماء الشيعة أن للإمام علي رضي الله عنه أبناء بأسماء مثل: محمد المكنى بأبي بكر، وعثمان، وعمر. وهؤلاء الأسماء كما هو معلوم تتطابق مع أسماء الخلفاء الثلاثة الذين يعتبرهم الشيعة في رواياتهم من أعداء أهل البيت. فهل الإمام المعصوم بزعمهم يتعمّد أن يختار لأبنائه أسماء أعداء الله وأعداء أهل البيت، كما يدّعون؟

وجاء في المقنع للشيخ الصدوق (باب العقيقة):

"وإذا ولد لك مولود فسمّه يوم السابع بأحسن الأسماء، وكنّه بأحسن الكنى، وإذا كان اسمه محمداً فلا تكنّه بأبي القاسم، ولا بأبي بكر، ولا بأبي عيسى، ولا بأبي الحكم، ولا بأبي الحارث".

وهنا يظهر التناقض واضحاً:

 فالصدوق ينهى عن الكنية "أبي بكر"، بينما كتبهم نفسها تثبت أن للإمام علي رضي الله عنه ولداً اسمه محمد وكنيته أبو بكر.

إن الشيطان إذا سمع مناديا ينادي يا محمد يا علي ذاب كما يذوب الرصاص حتى إذا سمع مناديا ينادي بإسم عدو من أعدائنا اهتز واختال

الكافي ج 6 ص 20

هل يليق بالأئمة إنهم يسمون بأسماء اعداء ال البيت يا شيعة؟

وهل يمكن أن يكون الإمام المعصوم بزعمهم قد فرّح الشيطان وأطلق على ابنه اسماً أو كنية من أسماء "أعداء الأئمة" كما تصف رواياتهم؟!

جاء في موقع المرجع الشيعي علي السيستاني في باب تسمية الأبناء:

السؤال

ما حكم تسمية الأولاد؟

الجواب

"من حق الولد على والده أن يسمّيه بالأسماء المستحسنة، وأفضل الأسماء أسماء الأنبياء وأسماء الأئمة صلوات الله عليهم".

السؤال

ما هي الأسماء المستحبة تسميتها للأولاد؟

الجواب

"تستحب التسمية بالأسماء المتضمنة للعبودية لله عز وجل، كما تستحب التسمية باسم النبي محمد صلى الله عليه وآله، وباقي الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، وتستحب التسمية باسم علي، والحسن، والحسين، وجعفر، وطالب، وحمزة، وفاطمة، وتكره التسمية بأسماء أعداء الإسلام وأهل البيت عليهم السلام".

*(المصدر: موقع السيد السيستاني https://www.sistani.org/arabic/qa/0378

السؤال

قد يقول قائل ان التسمية لا يدل على الحب ؟!

الجواب

ففي مستدرك الوسائل (ج 12 ص 219):

 ورد عن ربعي بن عبد الله قال:

" وعن ربعي بن عبد الله قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام : قيل لأبي عبد الله عليه السلام: إنا نسمّي بأسمائكم وأسماء آبائكم، فينفعنا ذلك؟ فقال: إي والله، وهل الدين إلا الحب! قال الله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

لكن عند مراجعة كتب الشيعة، نجد ما يناقض هذا الكلام، فقد رووا أن مجرد التسمية بالأسماء المحبوبة عندهم تدل على الحب والولاء.

خاتمة

المسألة تكشف عن اضطراب واضح في الموروث الشيعي: من جهة يروون أن تسمية الأبناء بأسماء الخلفاء تورث السرور للشيطان، ومن جهة أخرى تثبت كتبهم أن الأئمة أنفسهم استخدموا تلك الأسماء في تسمية أبنائهم. الأمر الذي يضعف الروايات التي تنهى عن هذه الأسماء، ويفتح باب التساؤل حول صدقها وصحتها. وبالتالي فإن هذا التناقض يظهر بجلاء أن كثيراً من النصوص المنقولة في كتبهم لا تصمد أمام التحقيق والمقارنة مع الوقائع التاريخية الثابتة.