من الموضوعات التي أثارت جدلًا في التراث الإسلامي قضية تسمية بعض أبناء الأئمة من أهل البيت عليهم السلام بأسماء قد يُظنّ أن الأئمة كانوا يتجنّبونها، ومنها اسم "عمر". غير أن تتبع المصادر التاريخية والأنساب يبيّن أن هذه التسمية كانت واقعة بالفعل، فقد عُرف عن الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام أنه سمّى أحد أبنائه "عمر" الملقب بـ"الأشرف"، كما عُرف عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه سمّى أحد أبنائه "عمر" الملقب بـ"الأطرف". وهذا يكشف أن الأئمة عليهم السلام كانوا يتعاملون مع الأسماء بلا مشكلة لكن مشكلة الشيعة أن الاسم يمكن أن يكون سببًا في إهدار حياة الإنسان أو التحريض ضده.

التفريغ الصوتي:

في قضية اسم "عُمر"، يُعرف أن للإمام السجاد عليه السلام ابنًا اسمه (عمر بن علي بن الحسين)، ويُلقب بـ"عمر الأشرف". ومن الواضح أن تسمية الإمام السجاد بمثل هذه الأسماء أراد أن يعلّم بها الشيعة أن الاسم لا ينبغي أن يكون سببًا في الهلاك أو سببًا للموت بتعبيرنا العامي: (إذا الاسم راح يقتلك ما يسوى). فسمِّ بما تشاء، فالاسم في ذاته لا يغيّر من الحقائق شيئًا.

وكذلك كان لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ابن آخر يُدعى  (عمر) أيضًا، وهو المعروف بـ"عمر الأطرف". وسُمّي "الأطرف" باعتبار أن شرف نسبه كان من طرف واحد، وهو طرف الأب. أما "الأشرف" فقد سُمّي بهذا اللقب باعتبار شرف نسبه من الطرفين، فهو مرتبط برسول الله صلى الله عليه وآله من جهتي الأب والأم معًا.

وقد ورد في كتاب "تاريخ المدينة" لابن شَبّة، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال:

"وُلد لي غلام يوم قام عمر يعني يوم حكم عمر فغدوتُ عليه فقلتُ: وُلد لي غلام هذه الليلة. فقال: ممن؟

 قلت: من التغلبية.

قال: هب لي اسمه.

 قلت: نعم، دعني أنا أُسمّيه.

قال: نعم.

 قال: سمّيته باسمه، ونحلته غلامي موركًا. وكان الغلام نوبيًّا، فاعتنقه عمر بن علي ثم أصبح من مواليه."

تظهر هذه الرواية بوضوح أن التسمية لم تكن قضية مذهبية أو عقدية، بل كانت أمرًا طبيعيًّا في المجتمع آنذاك. كما أن تعامل أهل البيت عليهم السلام مع الأسماء كان تعاملًا عاديًا بعيدًا عن الشحن المذهبي. فالاسم لا يزيد في قيمة الإنسان ولا ينقص منها، وإنما القيمة الحقيقية تكون في العمل والنية والالتزام بدين الله تعالى.

المصادر:

ابن شبة، تاريخ المدينة، ج 1، ص 380.

ابن سعد، الطبقات الكبرى.

الشيخ المفيد، الإرشاد.

السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة.