الحمد لله الذي شرّف هذه الأمة بخير نبي مرسل، ورفع مقامه بين العالمين، وجعل سنّته وهديه رحمة ونجاة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

من عظيم رحمة الله بالأمة أن جعل للوالدين حق اختيار الأسماء الطيبة لأولادهم، فالاسم عنوان على المسمّى، وله أثر بالغ في حياة الإنسان وسيرته. وقد جاءت السنة النبوية مشجّعة على التسمية بالأسماء الحسنة، بل بيّنت أن أحب الأسماء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها مكانة خاصة، ومن أبرزها اسم حمزة رضي الله عنه، أسد الله وأسد رسوله.

إن دراسة النصوص الواردة في هذا الباب تكشف عن قيمة التسمية في الإسلام، وترسّخ الوعي بأثر الأسماء في تربية النشء، كما تدل على محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لرجالٍ بعينهم من أصحابه وآل بيته، فأحب أن يُسمَّى الناس بأسمائهم.

الروايات الواردة في التسمية

1.  جاء في روضة المتقين للعلامة محمد تقي المجلسي، ما نصه:

«وَفِي الْقَوِي، عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ لِي غُلَامٌ فَمَاذَا أُسَمِّيهِ؟ قَالَ: سَمِّهِ بِأَحَبِّ الْأَسْمَاءِ إِلَيَّ حَمْزَةَ».

(روضة المتقين، ج 8، ص 627).

2.  ورى العياشي في تفسيره عن ربعي بن عبد الله، قال:

«قِيلَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا نُسَمِّي بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَيَنْفَعُنَا ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ، وَهَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ؟ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31]».

(بحار الأنوار، ج 27، ص 95).

حب الصحابة وأهل البيت: اختيار أسماء مثل حمزة، علي، الحسن، الحسين، جعفر هو دليل محبة وتعلق بقدوات الإسلام الأوائل.

الاسم رمز للقدوة: فحين يُسمّى الولد باسم عظيم من أعلام الأمة، يُرجى أن يقتدي المسمّى بصفاتهم وأخلاقهم.

الخاتمة

إن التسمية بأسماء محببة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كاسم حمزة وغيره من أسماء أصحابه وآل بيته، تحمل بعداً روحياً وتربوياً عميقاً. فهي تذكير دائم بسيرة أولئك الأبطال، ودعوة للاقتداء بأخلاقهم وتضحياتهم. وقد بيّنت الروايات أن التسمية ليست مجرد عادة اجتماعية، بل هي تعبير عن الحب والولاء، وتربية للنفوس على معاني العزة والوفاء.