من المعلوم أنّ التاريخ الإسلامي يحوي بين صفحاته مواقف عظيمة تبيّن حرص أئمة أهل البيت عليهم السلام على نقاء العقيدة وصيانة التوحيد من الانحراف. فقد ظهرت في العصور الأولى بعض الفرق التي غلت في حق الأئمة أو الصحابة ورفعتهم إلى مراتب الألوهية، وهو ما رفضه الأئمة أشدّ الرفض، مؤكدين أنهم عباد لله مكرمون لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضرًّا ولا نفعًا إلا بإذن الله. ومن أبرز المواقف التي نقلها المؤرخون ما جرى لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مع جماعة من "الزط" الذين غلوا فيه بعد وقعة البصرة، حيث أصرّوا على اعتقادات باطلة فأقام عليهم الحجة ثم حكم فيهم بما يردع أمثالهم، حفاظًا على وحدة العقيدة وصيانةً لجناب التوحيد.

النص:

روى الصدوق في كتابه (من لا يحضره الفقيه) بسنده عن أبي جعفر عليه السلام، قال:

"إن عليًّا عليه السلام لما فرغ من أهل البصرة أتاه سبعون رجلًا من الزط، فسلّموا عليه وكلّموه بلسانهم، ثم قال لهم: إني لست كما قلتم، أنا عبدُ الله مخلوق. قال: فأبوا عليه وقالوا لعنهم الله : لا بل أنت أنت هو. فقال لهم: لَئِن لم ترجعوا عما قلتم ولم تتوبوا إلى الله عزَّ وجلَّ لأقتلنّكم. 

 

مختارات من مقالات السقيفة

  - هل ينفع النبي عندكم أيها الشيعة؟

الكذب والغيبة عند الشيعة من مفطرات الصيام

إلزام (إسحاق هو ذبيح الله وليس اسماعيل عليهما السلام)

إلزام: لماذا الولاية ليست ضمن أركان الإسلام الخمس

روايات الشيعة في تفسير "أولي الإربة" وتناقضها

 

قال: فأبوا عليه أن يتوبوا ويرجعوا. قال: فأمر عليه السلام أن تُحفر لهم آبار، فحفرت، ثم خُرق بعضها إلى بعض، ثم قُذف بهم فيها، ثم جُنَّ رؤوسها، ثم أُلهب في بئر منها نار وليس فيها أحد منهم، فدخل فيها الدخان عليهم فماتوا".

(من لا يحضره الفقيه، الجزء الثالث، ص150).

يتضح من هذا الموقف أنّ أمير المؤمنين عليًا عليه السلام كان شديد الحرص على نقاء عقيدة التوحيد، وأنه رفض الغلو فيه أو نسب الألوهية إليه. فقد نصّ على أنّه "عبد الله مخلوق"، مؤكدًا على بطلان تلك الدعوى المنحرفة. لكن القوم أصرّوا على قولهم الباطل، فلم يجد بدًّا من ردعهم بعقوبة صارمة بعد أن أقام عليهم الحجة وأنذرهم.

المصادر:

 الصدوق، (من لا يحضره الفقيه)، الجزء الثالث، ص150