من المسائل التي تثار بين الحين والآخر ما يُنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من روايات تذكر أنه حين حضرته الوفاة دعا بصحيفة يريد أن يكتب وصية أو نهياً عن بعض الأسماء، إلا أنه قبض قبل أن يكتبها. وتأتي هذه الرواية في كتاب "الكافي" للكليني، حيث يُقال إنه صلى الله عليه وسلم أراد أن ينهى عن أسماء بعينها، مثل: الحكم، حكيم، خالد، ومالك، ثم قُبض قبل أن يُتم ما أراد.

هذه الرواية تُطرح ضمن إطار الاستدلال الشيعي على قضية الوصية، فيربطونها بمحاولة إثبات أن الرسول كتب وصية في آخر حياته، إلا أن الأحداث حالت دون إتمامها. لكن عند التحقيق نجد أن مثل هذه الروايات لا تصح، إذ هي تخالف ثوابت العقيدة ومقام النبوة، وتُفتح بها أبواب البدع والافتراءات.

 نص الرواية:

قال الكليني في "الكافي" (الجزء السادس، ص20 21، كتاب الأسماء والكنى):

"علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا بصحيفة حين حضره الموت يريد أن ينهى عن أسماء يتسمى بها، فقبض ولم يسمها، منها الحكم وحكيم وخالد ومالك، وذكر أنها ستة أو سبعة مما لا يجوز أن يتسمى بها."

والرد على هذه الرواية المزعومة:

"إشكال في موافقة الثابت من السنة":

ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عن الأسماء المذكورة، بل ورد في السنة جواز بعضها، وقد تسمى بها بعض الصحابة ولم يُنكر عليهم النبي.

"تعليق الأمر بالوفاة":

 تصوير أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن ينهى عن أمر مهم ثم قبض دون أن يوضحه، يتعارض مع وظيفته الرسالية، إذ قال الله تعالى: "﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾" [المائدة: 67]. فكيف يُعقل أن يترك أمرًا واجب البلاغ دون توضيح؟

"استغلالها في قضية الوصية":

 يستدل بعض أهل الأهواء بهذه الرواية على أن النبي كان بصدد كتابة وصية، لكنهم يزعمون أن الصحابة حالوا دون ذلك. والحقيقة أن القرآن والسنة الصحيحة دلا على أن النبي قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة كاملة غير منقوصة، ولا حاجة لمثل هذه الأخبار الضعيفة لإثبات أمر لم يرد به نص صحيح.

"مخالفة لمقام النبوة":

 الرواية توحي بنقص في أداء الرسول صلى الله عليه وسلم لمهمته، وهذا باطل. فالرسول معصوم في التبليغ، ولا يمكن أن يُقبض قبل أن يُبلّغ ما أمره الله به.

المصادر:

 الكليني، "الكافي"، الجزء السادس، ص20 21.

  القرآن الكريم.

 صحيح البخاري ومسلم (في أبواب الأسماء وآدابها).