استشهادهم بقول الله تعالى:
قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} [ النساء 64 ].
وقالوا بان هذا دليل على جواز الذهاب للقبر وطلب الحاجة من صاحبه.
والجواب:
كما قال الشيخ أحمد ولد الكوري العلوي الشنقيطي في رده على الصوفي مفتاح التجاني:
1- الآية خطاب لقوم معينين وليس فيها لفظ عموم حتى نقول العبرة بعموم اللفظ وإنما فيها ضمائر والضمائر لا عموم لها.
2- أما المجيء إلى القبر لا يتناوله المجيء إلى الشخص لا شرعا ولا لغة ولا عرفا فالمجيء إليه إنما يكون في حياته فقط.
3- أن الاستغفار عمل وفي الحديث ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلى من ثلاثة: صدقة جارية أوعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له)).
4- لو استقام استدلالهم بهذه الآية لكان قوله تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات 5] أولى، فما كان ردهم على هذه الآية فهو ردنا على الاستدلال بتلك.
5- ثم المتوسل به بعد موته - صلى الله عليه وسلم - لا بد أن يناديه من وراء الحجرة والله يقول {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات 4].
6- لو جاز الاستدلال بهذه الآية بعد موته - صلى الله عليه وسلم - لجاز الاستدلال على بيعته بعد موته لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [ الممتحنة 10].
7- هذا الأمر لم يفعله أحد من السلف الصالح ولا من تبعهم بإحسان من أئمة الإسلام وهداة الأنام بل أجمعوا على تركه.
8- لو سلمنا جدلا أنه - صلى الله عليه وسلم - يسمع الشخص الآن فيستغفر له لكان هذا من التوسل بدعاء عباد الله الصالحين.
9- لو كان - صلى الله عليه وسلم - يسمع ويتكلم ما سكت عن الصحابة في الفتن العظيمة ولما ترك الدعوة والجهاد في سبيل الله.
10- الآية تعني المنافقين الذين امتنعوا عن حكم الله ورسوله فلا بد لهم من استغفار الله واستغفار الرسول الذي تحدوه بامتناعهم عن حكمه كما دل على ذلك سياق الآيات {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} الآيات [النساء 61-63 ].