الزعم الباطل بأن الشيعة هم أوّل من دوَّن السُّنَّة النبوية
من أخطر ما تروّجه الفرقة الضالّة المسماة بـ«الشيعة الإمامية الاثني عشرية» – أو «الروافض» – زعمُهم الباطل بأنهم أول من دوَّن السُّنَّة النبوية وجمع الآثار والأخبار، وأنَّ أهل السُّنَّة إنما تبعوا طريقتهم بعد قرون! وهذه فرية عظيمة يراد بها تشويه تاريخ الإسلام وطمس جهود الصحابة والتابعين الذين حفظوا حديث رسول الله ﷺ ونقلوه إلينا بأمانةٍ ودقّة.
وفي هذا المقال نكشف بالأدلة التاريخية والحديثية أن تدوين السُّنَّة بدأ في عهد النبي ﷺ نفسه، ثم في زمن الخلفاء الراشدين، وأنَّ أول تدوينٍ رسميٍّ كان بأمر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله قبل ظهور الشيعة بزمنٍ طويل، وأن دعاوى الرافضة في ذلك لا تصمد أمام التحقيق العلمي ولا التاريخي.
مضمون الشبهة:
يزعم بعض المغالطين أن الشيعة هم أوّل من تقدَّم لجمع الآثار والأخبار وتدوين السنة، ويستندون إلى أن الشيعة اقتدوا في ذلك بالإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي كان له كتاب عظيم وصحيفة معلّقة بسيفه، كما أن أبا رافع رضي الله عنه – مولى رسول الله ﷺ – هو أول من ألّف في الأحاديث وله كتاب السنة والأحكام والقضايا، وقد كان – على حدّ زعمهم – شيعيًّا، توفّي في أوّل خلافة علي رضي الله عنه سنة خمس وثلاثين للهجرة.
ومن ثمَّ يحاولون أن يُظهروا أن الشيعة هم المؤسسون لعلوم الإسلام، وأن ما دوّن في كتبهم هو السنة الصحيحة.
الرد على الشبهة من وجهة نظر أهل السنة والجماعة:
1- بداية التدوين قبل ظهور الشيعة:
لقد بدأ التدوين الرسمي للسنة قبل ظهور فرقة الشيعة بقرنين على الأقل.
فعلي بن أبي طالب وأبو رافع رضي الله عنهما لم يكونا شيعيين، ولم يدعوا إلى التشيّع، بل كانا من كبار الصحابة.
وأول من دوّن من الشيعة هو الكليني في كتابه الكافي بعد قرنين من التدوين الرسمي لأهل السنة.
وإن صحّ أن أبا رافع كتب في عصر الصحابة، فقد سبقه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، الذي كتب «الصحيفة الصادقة»، وكان يُكثر من الكتابة عن النبي ﷺ بإذنه.
2- تدوين السنة في عهد النبي ﷺ والصحابة:
كتب كثير من الصحابة السنة النبوية في حياة النبي ﷺ وبعد وفاته، فقد كتب النبي ﷺ رسائل ومواثيق متعددة.
منها:
◘ كتاب الصدقات، وكتاب المدينة، وكتبه لأهل اليمن، وحضرموت، وغيرهم.
كما قال عليٌّ رضي الله عنه في الحديث الصحيح:
«ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة» قال: قلتُ: وما في الصحيفة؟ قال: «العقل، وفكّ الأسير، ولا يُقتل مسلم بكافر» (صحيح البخاري، رقم 111).
وهذه الصحيفة لا علاقة لها بمدونات الشيعة المتأخرة، بل هي من آثار الصحابة، خالية من أحاديث الغلو التي ظهرت بعد ذلك.
3- الشيعة لا يعترفون بالسنة أصلاً:
الشيعة الإمامية يعتقدون أن الصحابة – إلا ثلاثة – قد ارتدّوا بعد النبي ﷺ، وهم: المقداد، وأبو ذر، وسلمان رضي الله عنهم.
فكيف يزعمون أنهم رووا عنهم السنة أو دوّنوها؟!
يقول أحد علمائهم:
«إن الشيعة لا يعتبرون بشيءٍ من السنة إلا ما صحّ عندهم عن طريق أهل البيت...»
(انظر: أصل الشيعة وأصولها، محمد الحسين آل كاشف الغطاء، ص 79).
فإذا كانوا لا يقبلون روايات جمهور الصحابة، فكيف يمكن أن يكونوا أوّل من جمع السنة؟!
4- الواقع التاريخي للتدوين:
التدوين الرسمي للسنة بدأ في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله (99هـ)، حيث أمر بجمع الحديث وتدوينه خوفًا من ضياعه، فقام كبار العلماء كالإمام الزهري وغيره بجمعه وتدوينه.
ثم ظهرت بعد ذلك المصنفات الكبرى: الموطأ لمالك، الجامع الصحيح للبخاري، صحيح مسلم، وغيرها، وكلها سبقت مدونات الشيعة بقرون.
أما أول كتب الشيعة الحديثية فهي:
◘ الكافي للكليني (ت 329هـ).
◘ من لا يحضره الفقيه لابن بابويه (ت 381هـ).
◘ تهذيب الأحكام للطوسي (ت 460هـ).
5️⃣ خلاصة الرد:
◘ السنة كُتبت في حياة النبي ﷺ.
◘ دُوّنت رسميًّا في القرن الأول.
◘ لم يكن الإمام عليٌّ ولا أبو رافع من الشيعة المذهبية.
◘ الشيعة لا يعترفون بالسنة الصحيحة ولا بالصحابة، فكيف يدّعون تدوينها؟
◘ التدوين الشيعي تأخر قرنين عن أهل السنة.
الخلاصة:
يتضح مما سبق أن الزعم بأن الشيعة أول من دوّن السنة النبوية باطل من أساسه، وأن أهل السنة والجماعة هم ورثة الصحابة والتابعين في حفظ الدين وتدوين الحديث الشريف، أما الروافض فليس لهم في هذا الشرف نصيب، بل شوهوا السنة الصحيحة بإضافات باطلة تخدم مذهبهم المنحرف.