بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربِّ العالمين، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

إن من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين أهل السنة والجماعة وبين الفرقة الضالّة من الإمامية الاثني عشرية مسألة نكاح المتعة. وقد ثبت عند أهل السنة بالنصوص الصحيحة الصريحة من كتاب الله وسنّة نبيه ﷺ أن المتعة كانت مباحة في صدر الإسلام، ثم حرّمها رسول الله ﷺ تحريمًا مؤبدًا.

غير أن الشيعة ما زالوا يتمسكون بإباحتها، وينسبون ذلك إلى آل البيت زورًا وبهتانًا. وفي هذا البحث نبين بالدليل القاطع من كتب علماء الشيعة أنفسهم أن المتعة محرّمة، وأن أئمتهم الكبار قالوا بذلك، وإن خالفهم المتأخرون.

ندعو القارئ المنصف إلى قراءة هذا العرض بعقل وهدوء، وسيرى أن التحريم ثابت حتى في كتب القوم أنفسهم، وأن الإصرار على تحليلها ليس إلا اتباعًا للهوى، وبعدًا عن الحق.

أولًا: معنى نكاح المتعة وحكمه عند أهل السنة والجماعة

نكاح المتعة هو عقد مؤقت بين رجل وامرأة على زمن معلوم مقابل أجر معلوم، دون شهود ولا ولي، وينتهي بانقضاء الأجل المتفق عليه.

وقد ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ أذن فيها أول الإسلام للحاجة، ثم حرّمها تحريمًا أبديًا كما في الحديث الصحيح عن علي رضي الله عنه:

«إن النبي ﷺ نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية» (رواه البخاري ومسلم).

فكان التحريم قاطعًا لا رجعة فيه، وأجمع الصحابة بعد رسول الله ﷺ على ذلك، ولم يُعرف فيهم مخالف واحد.

ثانيًا: تحريم المتعة في كتب الشيعة الإمامية أنفسهم

على الرغم من تمسك بعض الشيعة المعاصرين بإباحة المتعة، إلا أن كتبهم المعتبرة وفتاوى كبار علمائهم تنقض هذا القول من أصله، وإليك بعض النقول الصريحة:

1- في كتاب الاستبصار للشيخ الطوسي (ج 3 ص 142):

«عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: حرّم رسول الله صلى الله عليه وآله لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة».

وهذا تصريح واضح من الإمام علي رضي الله عنه، كما يرويه الطوسي نفسه، بأن النبي ﷺ حرّم نكاح المتعة، فكيف يزعمون أن عليًّا كان يجيزها؟!

2- في مستدرك الوسائل (ج 14 ص 455):

عن عبد الله بن سنان قال: «سألت أبا عبد الله (ع) عن المتعة فقال: لا تدنّس نفسك بها».

وهذا النص صريح في ذم المتعة وتحريمها من الإمام جعفر الصادق، الذي يزعم الشيعة أنهم يتبعونه في أحكامهم!

3- في وسائل الشيعة للحرّ العاملي (ج 12 ص 12):

«عن زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليهم السلام) قال: حرّم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة».

وهذا تأكيد آخر من طريق مختلف يثبت أن التحريم صدر من النبي ﷺ نفسه، لا من أحد بعده.

 4- في بحار الأنوار للمجلسي (ج 100 ص 318):

«عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه سُئل عن المتعة فقال: ما تفعله عندنا إلا الفواجر».

أي أن الصادق يرى أن من تفعل المتعة عندهم هي الفاجرة، وهذا وصف قاسٍ يدل على أن الفعل محرّم ومستهجن، وليس من أعمال الطيبات أو المؤمنات.

5- كلام الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام (7/253):

«إذا كانت المرأة من أهل بيت الشرف فإنه لا يجوز التمتع بها لما يلحق أهلها من العار ويلحقها هي من الذل».

وهذا اعتراف صريح بأن المتعة عار وذلّ، فكيف تكون حلالًا ويصفها الإمام نفسه بأنها ذلّ وعار؟!

ثالثًا: المتعة في واقع الشيعة اليوم

لقد أصبحت المتعة في بعض المجتمعات الشيعية بابًا للفساد والدعارة المقنّنة، حتى تناولتها الصحف الغربية ومنها جريدة USA Today  في مقال بعنوان: “Marriage of pleasure in Iraq” (زواج المتعة في العراق)، بتاريخ 4 مايو 2005م، حيث تناولت انتشار ظاهرة المتعة بين الشباب الشيعي تحت غطاء ديني.

رابعًا: فتاوى المعاصرين من كبار مراجع الشيعة

المؤسف أن بعض المراجع المتأخرين لم يكتفوا بإباحة المتعة بل جعلوها عبادة مستحبّة، مع أنها تخالف نصوص أئمتهم. ومن نصوصهم ما يلي:

1- منهاج الصالحين لآية الله العظمى السيد علي السيستاني (ج3 مسألة 260):

«يستحب أن تكون المتمتع بها مؤمنة عفيفة، وأن يُسأل عن حالها قبل الزواج مع التهمة من أنها ذات بعل أو ذات عدة أم لا، وأما بعد الزواج فلا يُستحب السؤال، وليس السؤال والفحص عن حالها شرطًا في الصحة».

فهل يُعقل أن يقال: “ليس السؤال عن كونها ذات بعل شرطًا في الصحة”؟! أليس هذا بابًا للزنا باسم الدين؟

2- جامع الأحكام الشرعية للسيد عبد الأعلى الموسوي (ص 410):

«يستحب أن تكون المتمتع بها مؤمنة عفيفة، والسؤال عن حالها وأنها ذات بعل أو ذات عدة أم لا، وليس السؤال والفحص عن حالها شرطًا في الصحة».

وهذا النص مطابق لما قبله، مما يبين أن هذا أصل فقهي معتمد عندهم، يفتح باب الفساد الاجتماعي.

 -3تحرير الوسيلة لآية الله العظمى روح الله الخميني (ج2 ص292):

«مسألة 17: يستحب أن تكون المتمتع بها مؤمنة، والسؤال عن حالها قبل التزويج وأنها ذات بعل أو ذات عدة أم لا، أما بعده فمكروه، وليس السؤال والفحص عن حالها شرطًا في الصحة».

فهو يرى أن الرجل ليس مطالبًا بالسؤال عن كونها متزوجة أو معتدة، ويعتبر السؤال مكروهًا بعد العقد!

أي إباحةٍ هذه التي تتنافى مع صريح القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ۝ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ (المؤمنون: 5-6).

خامسًا: انحراف التيجاني ودعوته لفتح بيوت المتعة

ومن طوامّ هذه الفرقة ما كتبه التيجاني في كتابه كل الحلول عند آل الرسول حيث قال:

«قد تفطن العلماء والفقهاء المسلمون لهذه الحقيقة، فأفتوا من الأيام الأولى في صدر الإسلام بوجوب فتح محلات مخصوصة للممارسات الجنسية وإفراغ الشهوة الحيوانية... وتسمى عندهم سد باب الذرائع».

ثم يسترسل في وصف “المومسات” وبيوت الدعارة بأنها ضرورة اجتماعية، ويزعم أن ذلك من فقه آل البيت!

وهذا من أبطل الباطل، فآل البيت الطاهرون براء من هذه الأقوال، ومن نسبها إليهم فقد افترى عليهم أعظم الفرية.

سادسًا: التحريم موافق للعقل والفطرة

إن تحريم نكاح المتعة لا يقتصر على الدليل النقلي فقط، بل يشهد له العقل والفطرة السليمة؛ لأن الزواج في الإسلام يقوم على الدوام والمودة والسكن، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم: 21).

فكيف يتحقق السكن والمودة في عقد مؤقت لأيام أو ساعات؟! بل إن في المتعة امتهانًا للمرأة وجعلها سلعة مؤقتة لا تُكرم ولا تُحترم.

سابعًا: الخلاصة والنتائج

1)  ثبت في أصح كتب الشيعة أن النبي ﷺ حرّم نكاح المتعة يوم خيبر، كما في روايات علي وزيد بن علي وجعفر الصادق.

2)  أئمتهم وصفوا المتعة بأنها عار وذلّ، وأن من تمارسها فاجرة.

3)  كبار مراجعهم المعاصرين فتحوا بها باب الفساد، بزعم أنها زواج شرعي، حتى أباحوا التمتع دون معرفة حال المرأة.

4)  القول بإباحتها مخالف للعقل والفطرة والقرآن، ومنافٍ لأخلاق آل البيت الكرام.

5)  فالصواب الثابت من جميع الجوانب أن نكاح المتعة محرّم شرعًا، وأن من نسبه إلى أهل البيت فقد كذب عليهم.

 

__________________________________

1)  الاستبصار، الشيخ الطوسي، ج3 ص142.

2)  مستدرك الوسائل، ج14 ص455.

3)  وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج12 ص12.

4)  بحار الأنوار، المجلسي، ج100 ص318.

5)  تهذيب الأحكام، الطوسي، ج7 ص253.

6)  منهاج الصالحين، السيد علي السيستاني، ج3 مسألة 260.

7)  جامع الأحكام الشرعية، السيد عبد الأعلى الموسوي، ص410.

8)  تحرير الوسيلة، روح الله الخميني، ج2 ص292.

9)  USA Today، مقال: Marriage of Pleasure in Iraq، 4 مايو 2005م.

10)         كل الحلول عند آل الرسول، التيجاني السماوي.