كثيرًا ما يتخذ الشيعة – وهم فرقة ضالة خارجة عن جماعة المسلمين – أحاديث موضوعة أو ضعيفة ليؤسسوا بها عقيدتهم الباطلة في إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، زاعمين أن النبي ﷺ أوصى إليه بالخلافة بعد موته. ومن هذه الأحاديث الملفقة حديث: «لكل نبي وصي ووارث وإن عليًا وصيي ووارثي»، وهو من أكثر النصوص تداولًا في كتب الشيعة ومجالسهم لإثبات الوصية لعلي رضي الله عنه، غير أن علماء الحديث من أهل السنة والجماعة قد بينوا بطلانه وكذب سنده، وأجمعوا على أنه حديث موضوع مكذوب على رسول الله ﷺ.
نص الحديث كما رواه الكذّابون:
قال الراوي: «أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو القاسم عيسى بن علي، أنا أبو القاسم البغوي، نا محمد بن حميد الرازي، نا علي بن مجاهد، نا محمد بن إسحاق، عن شريك بن عبد الله، عن أبي ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لكل نبي وصي ووارث، وإن عليًا وصيي ووارثي».
حكم العلماء على الحديث:
هذا الحديث موضوع مكذوب لا يصح عن رسول الله ﷺ، وقد حكم عليه كبار أئمة الحديث بالوضع، وبيّنوا علله ورجاله الضعفاء:
◘ قال الإمام السيوطي: «موضوع» – اللآلئ المصنوعة (1/359).
◘ وقال الذهبي: «هذا كذب» – ميزان الاعتدال (1/273).
◘ وقال الألباني: «موضوع» – سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (رقم 4962).
العلّة في السند:
في الإسناد محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف كثير المناكير:
◘ قال البخاري: «في حديثه نظر».
◘ وقال النسائي: «ليس بثقة».
◘ وقال الجوزجاني: «غير ثقة».
◘ وقال الأسدي: «ما رأيت أحدًا أجرأ على الله منه وأحذق بالذنب منه» (سير أعلام النبلاء 11/503).
ولهذا أجمع المحدثون على أن الحديث لا يصح، بل هو موضوع مكذوب على النبي ﷺ.
الشبهة التي يثيرها الشيعة:
يستدل الشيعة بهذا الحديث على أن عليًا رضي الله عنه وصيٌّ للنبي ﷺ ووارثه في العلم والخلافة، زاعمين أن لكل نبي وصيًا من بعده، كما كان يوشع وصيًّا لموسى عليه السلام، وعليٌّ وصيًّا لمحمد ﷺ.
لكن هذا استدلال باطل من وجهين:
1- الحديث لا يصح أصلًا:
فهو موضوع بإجماع العلماء، ورجاله مطعون فيهم، وعلى رأسهم محمد بن حميد الرازي، وهو كذاب متهم.
ولا تقوم العقيدة على أحاديث مكذوبة، بل على النصوص الصحيحة الثابتة من الكتاب والسنة.
2- الأنبياء لا يورثون الدنيا ولا الخلافة بالوصية:
قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح المتفق عليه:
«نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة» (رواه البخاري ومسلم).
فكيف يقال إن النبي ﷺ جعل لعلي وصية بالميراث، وهو القائل بنفسه إن الأنبياء لا يورثون؟
الرد الصحيح من السنة:
لم يثبت عن النبي ﷺ وصية لعلي بالخلافة أو الميراث، بل ثبت عنه ﷺ أنه:
1- استخلف أبا بكر الصديق رضي الله عنه في الصلاة في حياته، وقال:
«يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح).
2- وأمر الناس بالاقتداء بأبي بكر وعمر فقال:
«اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر» (رواه الترمذي وصححه الألباني).
3- ولم يذكر عليًا رضي الله عنه في هذا السياق، ولو كانت له وصية خاصة لبيّنها النبي ﷺ كما بيّن غيرها من أمور الدين.
خلاصة القول:
حديث «لكل نبي وصي ووارث وإن عليًا وصيي ووارثي» لا أصل له في الإسلام، وهو حديث مكذوب موضوع، لا يصح عن رسول الله ﷺ بحال، وقد وضعه الغلاة من الشيعة لتأييد معتقداتهم في الإمامة والوصية.
والنبي ﷺ لم يوصِ لأحد بخلافته بعد موته، بل ترك الأمر شورى بين المسلمين، فاختاروا أبا بكر رضي الله عنه بإجماعهم، فكانت خلافته امتدادًا طبيعيًا لما رضي الله به ورسوله ﷺ.
المصادر والمراجع:
1- اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة – السيوطي (1/359).
2- ميزان الاعتدال في نقد الرجال –الذهبي (1/273).
3- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة – الألباني (رقم 4962).
4- سير أعلام النبلاء –الذهبي (11/503).
5- الجرح والتعديل – ابن أبي حاتم.
6- صحيح البخاري وصحيح مسلم – باب «نحن معشر الأنبياء لا نورث».
7- مسند أحمد – حديث «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر».
8- سنن الترمذي –حديث «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر».