يحاول الشيعة – وهم فرقة ضالة خرجت عن منهج الإسلام الصحيح – أن يثبتوا أحقية علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة بعد رسول الله ﷺ استنادًا إلى روايات موضوعة أو ضعيفة، أو إلى أحاديث صحيحة أُسيء فهمها وحرّفت عن سياقها. ومن أكثر الأحاديث التي يعتمدون عليها حديث النبي ﷺ: «لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي»، والذي جعلوه دليلاً على أن النبي أوصى لعلي بالخلافة بعد وفاته. غير أن هذا الادعاء باطل، فالنصوص الصحيحة، وسياق الحديث، وكلام المحدثين جميعها تدل على أن المراد بالاستخلاف هنا هو الخلافة على المدينة أثناء غزوة تبوك، لا الخلافة العامة بعد الوفاة.
نص الحديث ومصدره:
جاء في الرواية:
«حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ثنا كثير بن يحيى ثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون.. ثم خرج e بالناس في غزاة تبوك فقال له علي: «أخرُجُ معك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا.
فبكى علي فقال له نبي الله صلى الله عليه و سلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي».
درجة الحديث وأقوال العلماء:
الحديث مختلف في صحته ورجاله ثقات غير أبي بلج. قال البخاري وابن عدي «فيه نظر» (الكاشف للذهبي 2/414 الكامل في الضعفاء 7/229).
وفي التقريب «ربما أخطأ» (تقريب التهذيب 1/625).
وقال أبو حاتم «كان ممن يخطئ لم يفحش خطؤه حتى استحق الترك» (كتاب المجروحين 3/ 113).
وقد حسن الالباني إسناده ورجاله موثقون غير أبي بلج (السنة 2/565).
فهم الحديث ومعناه الصحيح:
وبالرغم من الاختلاف على سنده صحة وضعفا فإننا نقول إن الحديث متعلق بذهاب النبي r إلى غزوة تبوك واستخلاف علي عليها من بعده بدليل ما يلي:
جاء في نفس الحديث «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» وهو مهم في معرفة مناسبة قول النبي r «خليفتي من بعدي».
أي الخلافة على المدينة لما قال له علي «أتخلفني على النساء والصبيان»؟
وفاة هارون قبل موسى:
مما يؤكد أن الاستخلاف هو استخلاف في الحياة إذ لم يَخْلُف هارونُ موسى بل مات قبله.
ثم ألستم تعتقدون أيها الشيعة بأن عليا يعلم أن الخلافة آيلة إليه بعد موت النبي e؟
السياق الزمني للحديث:
وقوله «لا ينبغي أن أذهب» يعني الذهاب إلى غزوة تبوك لا الذهاب إلى القبر بسبب الموت.
والدليل من القرآن. قال تعالى حاكيا قول موسى لقومه بعد عودته من الميقات ﴿بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيْ﴾
رد النبي ﷺ على علي:
ثم إن كلام النبي r لا يتناقض. فإنه طلب قبيل موته أن يكتب كتابا حتى لا يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى بها. ثم قال «ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر».
وقال أيضا «أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر» (رواه أحمد بإسناد صحيح).
جميع من سبقوا أبا بكر إنما ولاهم الرسول e الإمامة حال غيابه عن المدينة، أما في هذا الحديث فقد أمر الرسول ابا بكر ان يصلي بالناس وهو مقيم في المدينة. فهذا ارتضاء للإمامة في الدين وقد مات رسول الله وأبو بكر يصلي بهم. فهو الأولى بالخلافة.
والنبي قد شبه عليا بهارون في أصل الاستخلاف لا في كماله. ولم يكن يخفى عليه e أن هارون مات قبل موسى. ومرتبة الاستخلاف أقل من مرتبة المصاحبة.
ومرتبة الاستخلاف لمن كانت له مرتبة المصاحبة هي الاستخلاف الأكمل.
الخلاصة:
النبي ﷺ شبّه عليًا بهارون في أصل الاستخلاف المؤقت، لا في المنزلة أو النبوة أو الخلافة العامة، فالاستخلاف كان في الحياة لا بعد الوفاة.
كما أن مرتبة الاستخلاف دون مرتبة المصاحبة، ومرتبة الاستخلاف لمن كانت له المصاحبة هي الاستخلاف الأكمل، وقد جمعها أبو بكر الصديق رضي الله عنه.