يستند الشيعة – وهم فرقة ضالة خارجة عن جماعة المسلمين – إلى جملة من الأحاديث الضعيفة أو التي أُسيء فهمها ليدعوا أن النبي ﷺ نصّ على أئمتهم الاثني عشر، زاعمين أن هؤلاء هم خلفاء الأمة بعد رسول الله ﷺ. ومن أبرز ما يستدلون به حديث: «اثنا عشر خليفة كعدّة نقباء بني إسرائيل»، فيزعمون أنه إشارة إلى أئمتهم الاثني عشر من علي إلى المهدي المنتظر. غير أن هذا الفهم باطل، والحديث لا يحمل أي دليل على ما يدّعونه، بل الصحيح أنه يتحدث عن خلفاء قريش الذين يقوم بهم أمر الأمة في فترات متعاقبة من تاريخ الإسلام، وليس عن الأئمة المزعومين الذين لم يتولّ أحدٌ منهم الحكم فعلاً.
نص الحديث كما رواه الإمام أحمد:
قال الإمام أحمد رحمه الله:
«3781 -حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْمُجَالِدِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَلْ سَأَلْتُمْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمْ تَمْلِكُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ خَلِيفَةٍ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ قَدِمْتُ الْعِرَاقَ قَبْلَكَ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، وَلَقَدْ سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "اثْنَا عَشَرَ، كَعِدَّةِ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ "».
درجة الحديث:
قال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيق مسند أحمد:
«إسناده ضعيف لضعف المجالد بن سعيد».
كما ذكر العلماء أن الحديث ورد بألفاظ متعددة في الصحيحين، منها في صحيح البخاري وصحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
«يكون بعدي اثنا عشر أميرًا، كلهم من قريش».
فهذه الرواية الصحيحة توضح أن المقصود الخلفاء من قريش، لا أئمة الشيعة المزعومين.
بيان معنى الحديث الصحيح:
أوضح العلماء أن المقصود من قوله ﷺ: «اثنا عشر خليفة كلهم من قريش»
ليس عددًا متصلًا من الخلفاء في زمن واحد، بل هو إشارة إلى عدد من الخلفاء الذين كان في عهدهم استقرارٌ وقوةٌ لأمة الإسلام، من عهد الخلفاء الراشدين إلى ما بعدهم.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:
«معنى الحديث أن الإسلام يكون في عزٍّ وقوةٍ وعظمةٍ ما دام هؤلاء الخلفاء الاثنا عشر متتابعين، وهم ليسوا محصورين بزمنٍ معين».
وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري:
«المراد بالاثني عشر خليفة من اجتمع الناس على خلافتهم، وكان أمرهم في عزٍّ وقيامٍ بالدين».
الشبهة الشيعية والرد عليها:
الشبهة:
يزعم الشيعة أن المقصود بالاثني عشر في الحديث هم أئمتهم الاثنا عشر، من علي بن أبي طالب إلى محمد بن الحسن المهدي، ويقولون إن النبي ﷺ نصّ عليهم بهذا الحديث.
الرد:
1- الحديث ضعيف بهذا السند في مسند أحمد، ورواية البخاري ومسلم الصحيحة لا تدل على ما يزعمونه، إذ لم يذكر فيها أسماء الأئمة، ولا أي إشارة إلى وصية أو إمامة دينية مطلقة.
2- النص الصحيح يقول "كلهم من قريش"، ولم يقل "كلهم من بني هاشم"، فصفة القرشية تشمل بني أمية وبني العباس وغيرهم، وليست حصرًا على ذرية علي رضي الله عنه.
3- أئمة الشيعة الاثنا عشر لم يكونوا خلفاء حاكمين، بل أكثرهم عاشوا في ظل حكم آخرين، ولم يتولّوا قيادة الأمة أو إقامة الخلافة، وهذا يخالف نص الحديث الذي يتحدث عن خلفاء.
4- الحديث في الصحيحين جاء بصيغة عامة ولم يذكر أن هؤلاء الاثني عشر متتابعون أو معصومون أو مختصون بعائلة معينة. فحملُه على أئمة الشيعة تعسّف وتكلف لا دليل عليه.
التوضيح من السنة الصحيحة:
إن النبي ﷺ لم يترك أمته دون بيان، فقد قال في الحديث الصحيح:
«اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر» (رواه الترمذي وصححه الألباني).
وهذا نص صريح في تفضيل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يرد عنه ﷺ أي وصية تخص عليًا أو غيره بالخلافة.
كما ثبت عنه ﷺ أنه قال: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح).
وهذا دليل واضح على أن الخلافة بعد النبي ﷺ لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وليس لعلي كما تزعم الرافضة.
المصادر والمراجع:
1- مسند الإمام أحمد (رقم الحديث 3781).
2- تحقيق مسند أحمد – شعيب الأرناؤوط (حكمه: ضعيف).
3- صحيح البخاري – كتاب الأحكام، باب قول النبي ﷺ «يكون بعدي اثنا عشر أميرًا».
4- صحيح مسلم – كتاب الإمارة.
5- شرح النووي على مسلم (12/201).
6- فتح الباري – ابن حجر العسقلاني (13/211).
7- سنن الترمذي – حديث «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر».
8- مسند أحمد – حديث «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر».