دراسة حديثية وردّ على أباطيل الشيعة حول النصوص الغيبية

تنتشر في كتب الشيعة ومواقعهم روايات موضوعة وأحاديث باطلة يستغلونها في الطعن في أهل السنّة أو في إثبات عقائدهم المنحرفة، وهي عقائد تُخالف القرآن والسنّة وتُجمع الأمة على بطلانها. وهذه الفرقة الضالّة دأبت على وضع الأخبار الغيبية والاختلاق على رسول الله ﷺ؛ ليبنوا عليها تأويلاتهم الفاسدة. ومن هنا تأتي أهمية بيان الصحيح من السقيم، وشرح الأحاديث على منهج أهل الحديث، بعيدًا عن التلاعب الشيعي بالنصوص. وفي هذا المقال نتناول حديث: «غِلَظُ جِلْدِ الكافر اثنان وأربعون ذراعًا» دراسةً وتحقيقًا، مع إيراد كلام الأئمة وتفسير لفظ الجبار، والردّ على شبهات من استدلوا به على غير فهم أهل العلم.

نصّ الحديث ودراسته الحديثية:

تخريج الإمام الحاكم للحديث:

قال الإمام الحاكم:

"8760 - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنْبَأَ شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ غِلَظَ جِلْدِ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ»"

ثم قال الحاكم:

"هذا حديثٌ صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرّجاه."

وقال الشيخ أبو بكر (تعليقًا على لفظ الجبار):

"معنى قوله بذراع الجبار: أي جبار من جبابرة الآدميين ممّن كان في القرون الأولى، وكان أعظم خلقًا وأطول أعضاءً وذراعًا من الناس."

المستدرك – ج4 ص637

 

تعليق الذهبي:

قال الذهبي في التلخيص:"8760 – على شرط البخاري ومسلم."

تفسير ابن حجر رحمه الله:

قال الحافظ ابن حجر:

"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ بِلَفْظِ: (غِلَظُ جِلْدِ الْكَافِرِ وَكَثَافَتُهُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ)...

وقال البيهقي: أراد بذلك التهويل بلفظ الجبار. ويحتمل أن يريد جبارًا من الجبابرة، إشارة إلى عظم الذراع. وجزم ابن حبان بأن الجبار ملكٌ كان باليمن."

فتح الباري – ج11 ص423

رواية ابن حبان وتعليق الألباني

قال الإمام ابن حبان:

"7443 – … قال النبي ﷺ: (غِلَظُ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا – بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ – وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ)."

وعقّب الألباني:

"صحيح – ظلال الجنة (1/271/610) – التعليق الرغيب (4/237)."

ثم قال في تحديد الجبار:

"الجبار: ملكٌ باليمن، يُقال له الجبار." التعليقات الحسان – ج10 ص452

الشبهة والردّ عليها:

الشبهة:

يدّعي بعض أهل البدع – خصوصًا الشيعة – أن لفظ: «بذراع الجبار» يُثبت التجسيم، أو أنه يشير إلى صفة لله عز وجل على غير ما يليق به سبحانه، أو أنه غلوّ في وصف الله بما لا يثبت.

الردّ العلمي التفصيلي:

أولًا – اتفاق العلماء على أن المقصود جبار من البشر:

صرّح الحاكم والبيهقي وابن حجر وابن حبان والألباني بأن المراد:

رجل جبار من جبابرة البشر

أو ملك من ملوك اليمن

أو استعمال لفظ الجبار لِلتَّهْويل فقط

ولا يوجد عالمٌ واحد من أهل السنة حمل اللفظ على صفة لله عز وجل.

ثانيًا – هذا اللفظ ليس من أسماء الله الحسنى في هذا السياق

اسم الله الجبار ثابت، لكن الحديث لا يتحدث عن الله، بل عن قياس بشري؛ لأن الذراع وحدة قياس جسدية.

ثالثًا – الشيعة هم الذين يقعون في التجسيم الحقيقي

في كتبهم روايات تصف الله بصفات لا تليق، مثل:

النزول على فرس

الزيارة

المصافحة

وغير ذلك مما هو ثابت عندهم لا عند أهل السنة.

رابعًا – الحديث ثابت وصحيح ولا مطعن فيه

إسناده صحيح، وصححه:

الحاكم – الذهبي – ابن حجر – ابن حبان – الألباني.

خامسًا – الحديث من باب بيان شدة عذاب الكافر

وليس له أي علاقة بصفات الله تعالى.

خاتمة المقال:

يتبين من هذا التحقيق أن الحديث ثابت وصحيح، وأن لفظ "بذراع الجبار" لا علاقة له بصفات الله، بل هو قياس بقدَر رجل جبار من البشر، كما بيّن أئمة الإسلام. وتظهر كذلك طريقة أهل البدع – وعلى رأسهم الشيعة – في اقتطاع النصوص وتشويه معانيها للتشنيع على أهل السنة والجماعة. ولا يصحّ في دين الله إلا ما ثبت وصحّ، ولا يُقبل إلا ما وافق عقيدة السلف الصالح.

المصادر:

المستدرك على الصحيحين – الحاكم – مع تلخيص الذهبي – ج4 ص637.

فتح الباري – ابن حجر – ج11 ص423.

صحيح ابن حبان – حديث (7443).

ظلال الجنة – الألباني – 1/271.

التعليقات الحسان – الألباني – ج10 ص452.

السنن الكبرى للبيهقي.