من أخطر ما تُقدِم عليه الفرقة الشيعية الضالّة هو تحريف النصوص الشرعية عن مواضعها، والعبث بألفاظ القرآن والسنة لتبرير معتقداتهم الباطلة ومكاسبهم المالية التي يسمونها "الخمس".

فقد درج علماؤهم على تأويل الأحاديث الضعيفة والموضوعة لخدمة بدعتهم الكبرى، ألا وهي أكل أموال الناس باسم الدين، وجعل ما ليس بغنيمةٍ "غنيمةً" ليبرروا أكلهم أموال الشيعة باسم "خمس المكاسب"!

ومن بين النصوص التي يتلاعبون بها حديث: «غنيمة مجالس الذكر الجنة»، زاعمين أن فيه دليلاً على أن لفظ "الغنيمة" لا يختص بما يُؤخذ من الكفار في الحرب، بل يشمل عموم ما يُكتسب من الخير.

وفي هذا المقال سنكشف زيف هذا التأويل، ونُبيّن ضعف الحديث سندًا، وأن الغنيمة في الشرع لا تُطلق إلا على ما أُخذ من أموال الكفار في الجهاد الشرعي.

نص الحديث محل الشبهة:

روى الإمام أحمد في المسند (2/177) قال:

حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا حسن، ثنا ابن لهيعة، ثنا راشد بن يحيى المعافري، أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يحدث عن عبد الله بن عمرو قال:
قلت: يا رسول الله، ما غنيمةُ مجالسِ الذكر؟

قال: "غنيمة مجالس الذكر الجنة الجنة."

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد (10/78)، وقال: "رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه ابن لهيعة، وهو حسن الحديث في المتابعات."

لكن شيخنا الألباني حكم عليه في ضعيف الجامع (3923) بأنه حديث ضعيف.

تخريج الحديث وحكم العلماء عليه:

ابن لهيعة في السند: وهو راوٍ ضعيف، اختلط بعد احتراق كتبه، فلا يُقبل تفرده.

قال الألباني: "ضعيف." (ضعيف الجامع 3923).

وقال المنذري والهيثمي: "إسناده حسن"، إلا أن تصحيحهم هنا غير معتمد عند المحدثين لأن التحسين كان مبنيًا على تساهل في رواية ابن لهيعة.

وعليه، فالصحيح أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة، كما أقرّ الألباني وغيره من المحققين.

شبهة الشيعة حول الحديث:

يستدل الشيعة بهذا الحديث على أن لفظ "الغنيمة" لا يقتصر على ما يُؤخذ من الكفار في الحرب، بل يشمل أيضًا كل ما يُكتسب من فضل أو خير، كالأجر في مجالس الذكر.

ومن هنا يوسّعون معنى الغنيمة ليشمل أرباح التجارات والمكاسب الدنيوية، فيقولون: إن الخمس واجب في كل غنيمة، أي في كل مالٍ يُكسب، وليس فقط في غنائم الحرب!

وبهذا يحاولون تبرير ما يأخذونه من أموال أتباعهم باسم "الخمس"، مخالفين بذلك نصوص القرآن والسنة وفعل النبي ﷺ وصحابته الكرام.

الردّ على الشبهة:

🟢 أولاً: الحديث ضعيف لا يُحتج به:

الحديث لا يصحّ عن النبي ﷺ لضعف راويه ابن لهيعة، وبالتالي لا يجوز بناء استدلال عقدي أو فقهي عليه، لأن الأحاديث الضعيفة لا تُستعمل إلا في فضائل الأعمال بشروطٍ مخصوصة، وليس في تقرير الأحكام الشرعية.
واستدلال الشيعة بحديثٍ ضعيفٍ على أصلٍ ماليٍّ ضخمٍ كـ«الخمس» من قلة العلم وتحريف الدين.

🟢 ثانيًا: الغنيمة في الشرع خاصة بغنائم الحرب

قال الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ (سورة الأنفال: الآية 41)

والسياق في سورة الأنفال كلّه في القتال وغنائم الحرب، وقد أجمع المفسرون على ذلك.

قال الإمام ابن قدامة في المغني (9/231):

"الغنيمة ما أُخذ من أموال الكفار قهرًا بقتال."

وقال القرطبي في تفسير الآية:

"نزلت في غنائم بدر، وهي أصل في تقسيم أموال الكفار."

فليس في اللغة ولا في الشرع ما يدل على أن "الغنيمة" تشمل الأرباح أو المكاسب الفردية كما يزعم الشيعة.

🟢 ثالثًا: معنى الغنيمة في الحديث مجازي لا حقيقي

حتى لو افترضنا صحة الحديث، فالمقصود بـ"غنيمة مجالس الذكر" هو التشبيه المجازي لا الحقيقي.

أي أن من حضر مجالس الذكر فقد نال ثوابًا عظيمًا يشبه الغنيمة، وليس أن اللفظ يُغيّر حكمه الشرعي.

كما أن النبي ﷺ قال في أحاديث أخرى:

"من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده."

ولا يعني ذلك أن الوضوء يُخرج مالًا أو نصيبًا!

فالحديث - لو صح - فهو من باب الترغيب والتشبيه البلاغي لا من باب الأحكام الفقهية، ولا يصح اتخاذه دليلاً لإعادة تفسير آيات الأحكام.

🟢 رابعًا: الغاية الباطلة من تحريف الشيعة

إن الهدف من هذا التأويل المنحرف واضح: تبرير أكل أموال الناس باسم الدين.
فقد حوّلوا مفهوم الغنيمة من حكم شرعي خاص بالحروب إلى مورد مالي دائم لعلمائهم ومراجعهم، مما يخالف إجماع الصحابة والتابعين.

قال الله تعالى في شأن الغنائم: ﴿مَّا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ (آل عمران: 161)

فكيف يجعل الشيعة "الخمس" بابًا لجمع الأموال بغير وجه حق؟!

الخلاصة:

حديث «غنيمة مجالس الذكر الجنة» ضعيف السند لا تقوم به حجة.

لا يصحّ حمل لفظ "الغنيمة" فيه على معناها الشرعي، بل هو تعبير بلاغي عن الأجر والثواب.

الغنيمة في القرآن والسنة خاصة بما يُؤخذ من أموال الكفار في القتال المشروع.

تأويل الشيعة لهذا الحديث لتوسيع مفهوم الغنيمة هو تحريف متعمد لخدمة بدعة الخمس التي يأكلون بها أموال الناس بالباطل.

فليعلم القارئ المسلم أن دين الله لا يُبنى على أحاديث ضعيفة ولا على تأويلات ضالة، وأن طريق الحق هو ما كان عليه الصحابة والتابعون من التمسك بالوحيين بلا زيادة ولا تحريف.

المصادر:

مسند الإمام أحمد (2/177).

مجمع الزوائد للهيثمي (10/78).

ضعيف الجامع الصغير للألباني (3923).

المغني لابن قدامة (9/231).

تفسير القرطبي (ج8 ص10).

تفسير ابن كثير (3/544).

القرآن الكريم – سورة الأنفال (41).