في خضمِّ ما تموج به الساحة الإسلامية من فتن فكرية، برزت "الفرقة الشيعية الضالة" كإحدى أخطر الجماعات التي عبثت بالنصوص الشرعية وحرفت دلالاتها لخدمة أهوائها ومعتقداتها الباطلة. لم تكتفِ هذه الطائفة بالانحراف العقدي والبدعي، بل تجاوزت ذلك إلى "اختلاق أحاديث مكذوبة ونسبتها إلى النبي ﷺ" لتأييد عقائدها المنحرفة، ومنها ما يتعلق بما يسمونه «الخُمُس» الذي جعلوه ركيزة من ركائز مذهبهم الفاسد.

ومن بين تلك الأكاذيب التي يروّجونها حديثهم الموضوع:

«إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا».

وفي هذا المقال نفند هذا الحديث من جهة السند والمتن، ونكشف زيف استدلال الشيعة به، ونُبيّن أن "كلمة "الغنيمة" في الشرع لا تشمل إلا ما أُخذ من أموال الكفار في الجهاد المشروع"، لا الزكاة ولا الأموال المكتسبة من المسلمين كما يزعمون.

"نص الحديث محل الشبهة:"

روى ابن ماجه في سننه (1/573 رقم 1797):

حدَّثنا سويد بن سعيد، ثنا الوليد بن مسلم، عن البختري بن عبيد، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:

«إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا».

وقد حكم عليه الإمام "الألباني" في "إرواء الغليل (3/343 رقم 852)" بأنه "حديث موضوع"، أي مكذوب على رسول الله ﷺ، لا يصحّ نسبته إليه.

"تخريج الحديث وحكم العلماء عليه:"

قال "الذهبي" في "ميزان الاعتدال (1/300)" عن "البختري بن عبيد":

"يروي الموضوعات". وقال "الإمام أحمد" كما في "إرواء الغليل (3/343)":

"سويد بن سعيد متروك الحديث."

فاجتمع في الإسناد "رجلان ضعيفان جدًا"، أحدهما يروي الموضوعات والآخر متروك، مما يجعل الحديث "باطلًا لا تقوم به حجة".

إذن، فالحديث لا يصحّ عن النبي ﷺ بحالٍ، وهو من جملة الأحاديث التي "افتراها الكذابون" ثم "استغلها الشيعة" لتشويه معاني النصوص الشرعية.

"شبهة الشيعة واستدلالهم الباطل:"

يحتجّ بعض "الشيعة الإمامية" بهذا الحديث ليثبتوا أن لفظ «الغنيمة» في القرآن لا يقتصر على ما يُؤخذ من الكفار في الحرب، بل يشمل المال المكتسب عمومًا، ومن ثمّ "يوسّعون مفهوم الخمس" ليشمل كل مكسب دنيوي للمسلمين، فيستدلّون بقوله تعالى:

﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ "(سورة الأنفال: الآية 41)"

ويزعمون أن الحديث الموضوع المذكور يثبت أن الغنيمة تشمل الزكاة، والربح، والمال، وكل ما يُكتسب.

لكن هذا الاستدلال "باطل من وجوه عديدة".

"الردّ على الشبهة:"

1) "الحديث باطل لا تقوم به حجة:"

الأساس الذي بنوا عليه استدلالهم "منهار من أصله"؛ إذ الحديث مكذوب باتفاق الأئمة. فلا يصحّ أن يُستدل بحديث موضوع على حكم شرعي.

2) "الغنيمة في لغة العرب والشرع:"

لفظ "الغنيمة" في اللغة مأخوذ من "غَنِمَ" أي ظفر بعدوٍّ أو مالٍ بغير مشقةٍ في الأصل، لكن في الاصطلاح الشرعي جاءت لتدلّ على "ما أُخذ من أموال الكفار عن طريق الجهاد".

قال ابن قدامة في "المغني (9/231)":

"الغنيمة ما أُخذ من أموال الكفار قهرًا بقتال."

وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ﴾: "هذه الآية نزلت في غنائم بدر، وهي أصل في تقسيم أموال الكفار."

فلا تشمل الغنيمة الزكاة ولا التجارة ولا المكاسب، كما يزعم أهل البدع.

3) "الآية مخصصة بالجهاد لا بعموم الأموال:"

السياق في سورة الأنفال واضح بأنه في "غنائم الحرب" لا غير، حيث ابتدأت الآيات بذكر القتال والموقف في بدر، ثم جاء قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ "(الأنفال: 1)"

فالسياق الحربي لا يحتمل أي معنى آخر. ومن ثم فاستدلال الشيعة بالآية على الخمس في أموال المسلمين "تحريف صريح لمعنى القرآن".

4) "تناقض الشيعة في تطبيق الآية:"

الشيعة لا يطبّقون الآية كما نزلت، بل جعلوا الخمس "حقًّا لأئمتهم وساداتهم"، وألغوا مصارف الله ورسوله واليتامى والمساكين المذكورة في الآية، فحوّلوا فريضة الجهاد إلى "ضريبة مذهبية" تُدفع لحوزاتهم ومراجعهم!

"خلاصة الرد:"

الحديث «اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا» "موضوع مكذوب" على النبي ﷺ، لا تصح روايته ولا العمل به.

واستدلال الشيعة به على توسيع معنى الغنيمة لتبرير خُمسهم هو "باطلٌ شرعًا ولغةً وعقلًا"، بل هو "تحريف متعمد" لمعاني القرآن والسنة.

إن الخمس في الإسلام متعلق فقط "بغنائم الكفار في الحرب"، لا بأموال المسلمين ولا تجارتهم، ومن زاد على ذلك فقد افترى على الله كذبًا.

"المصادر:"

1) سنن ابن ماجه (1/573 رقم 1797).

2) "إرواء الغليل" للألباني (3/343 رقم 852).

3) "ميزان الاعتدال" للذهبي (1/300).

4) "المغني" لابن قدامة (9/231).

5) "تفسير القرطبي" (ج8 ص10).

6) "الأنفال: الآية 41".