تُعدّ الفرقة الشيعية الضالّة من أكثر الجماعات تحريفًا للنصوص الشرعية وتلاعبًا بآيات القرآن الكريم، إذ يسعون دائمًا لتشويه تاريخ الصحابة الكرام، والطعن في عدالتهم وأمانتهم، خصوصًا في ما يتعلّق بأموال الخمس وسهم أهل البيت.

ومن جملة شبهاتهم الباطلة زعمهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالف حكم الله تعالى في قوله عز وجل:

﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال: الآية 41]

فيزعمون أن عمر لم يُعطِ أهل البيت سهمهم من الخمس، وأنه بذلك خالف النصّ القرآني، وهذا من أعظم الأكاذيب والتحريفات التي روجها الشيعة للطعن في الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.

وفي هذا المقال نعرض الشبهة كما يذكرها الشيعة، ثم نردّ عليها ردًا علميًا موثّقًا بالأدلة والنقول الصحيحة من كتب أهل السنة والجماعة، مع بيان بطلان تأويلاتهم وتحريفهم لكتاب الله تعالى.

الشبهة:

يزعم الشيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالف أمر الله تعالى في قوله جل شأنه:

﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (الأنفال: 41)

ويقولون: إن عمر لم يُعطِ أهل البيت سهمهم من الخمس، بل منعهم منه، فكان مخالفًا لأمر الله تعالى الذي جعل لهم نصيبًا معلومًا.

وهذه الشبهة باطلة من أصلها، وهي مبنية على جهلٍ بحقيقة السنة النبوية، وتحريف لمعنى "سهم ذوي القربى" كما فسره الصحابة والعلماء.

الردّ على الشبهة:

أولاً: فعل عمر موافق تمامًا لفعل النبي ﷺ

لقد ثبت بالأسانيد الصحيحة أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما لم يحرما أهل البيت من الخمس، بل كانا يخرجان سهم ذوي القربى من الخمس ويعطيانه لفقرائهم ومساكينهم، تمامًا كما كان يفعل رسول الله ﷺ.

فلم يجعلا هذا السهم ملكًا خاصًا لأحدٍ من بني هاشم، بل وزّعاه في مصالحهم وفقرائهم كما أمر الله ورسوله.

ثانيًا: رواية البيهقي في بيان فعل علي رضي الله عنه

قال الإمام البيهقي في السنن الكبرى (6/343)، وفي معرفة السنن والآثار (11/92):

"أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا عارم بن الفضل، ثنا حماد بن زيد، عن محمد بن إسحاق، قال:

سألت أبا جعفر - يعني الباقر - كيف صنع عليٌّ رضي الله عنه في سهم ذوي القربى؟

قال: سلك به طريق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

قال: قلتُ وكيف وأنتم تقولون ما تقولون؟

قال: أما والله ما كانوا يصدرون إلا عن رأيه، ولكنه كره أن يُدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما."

وفي رواية أخرى لأحمد بن خالد الوهبي قال:

"أما والله ما كان أهل بيته يصدرون إلا عن رأيه، ولكن كان يكره أن يُدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما."

قال البيهقي:

"وكذلك رواه سفيان الثوري وسفيان بن عيينة عن ابن إسحاق."

فهذه الروايات تثبت أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفسه وافق في التطبيق على ما فعله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في مسألة الخمس، مما يُسقط دعوى الشيعة من أساسها.

ثالثًا: موقف الإمام الشافعي

قال الإمام الشافعي كما نقل عنه البيهقي:

 إن هذه الرواية ضعيفة عنده من جهة السند، لا لعلّة فيه، ولكن لأنه كان يعلم أن عليًّا رضي الله عنه كان له رأيٌ آخر في التفصيل، ومع ذلك لم يتعرض الشافعي للطعن في سند الرواية، بل أقرّ أن المسألة لا تناقض ما جرى عليه الخلفاء من إخراج الخمس في فقراء ذوي القربى.

فالمسألة اجتهادية في كيفية الصرف، وليست كما يصوّرها الشيعة مخالفة للنص القرآني.

رابعًا: دلالة قوله تعالى ﴿وَلِذِي الْقُرْبَى

إن سهم «ذي القربى» في الآية لا يعني تمليكهم نصيبًا دائمًا من الأموال، بل المقصود به إعانتهم وسدّ حاجتهم في فقرهم كما بيّن النبي ﷺ وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

فقد ثبت أن النبي ﷺ لم يجعل لأهله نصيبًا ثابتًا من الخمس يغتنون به، بل أعطاهم على قدر الحاجة، ثم أوقف الباقي في مصالح المسلمين.

قال ابن كثير في تفسيره (3/544):

"كان رسول الله ﷺ يعطي قرابته من خمس الخمس ما يكفيهم، ثم يجعل الباقي في مصالح المسلمين."

ففعل عمر رضي الله عنه سير على النهج النبوي لا خروج عنه، ولا مخالفة فيه لكتاب الله تعالى.

خلاصة الرد:

إن شبهة الشيعة بأن عمر رضي الله عنه لم يُعطِ أهل البيت سهمهم من الخمس باطلة من جميع الوجوه:

لأن الحديث عنهم كذب وتدليس على التاريخ.

ولأن عمر وأبا بكر رضي الله عنهما أعطيا ذوي القربى حقهم الشرعي كما أمر الله.

ولأن عليًّا رضي الله عنه نفسه سلك مسلكهما في هذا الباب.

ولأن الآية الكريمة لا تفيد التمليك الشخصي لأهل البيت، بل بيان استحقاق الفقراء منهم عند الحاجة.

وعليه فإن استدلال الشيعة بهذه الشبهة ليس إلا تحريفًا مقصودًا للطعن في الصحابة الكرام، وكعادتهم في بناء مذهبهم على الأكاذيب والأحاديث الموضوعة والمرويات المنكرة.

المصادر:

القرآن الكريم سورة الأنفال، الآية (41).

السنن الكبرى للبيهقي (6/343).

معرفة السنن والآثار للبيهقي (11/92).

تفسير ابن كثير (3/544).

الأم للإمام الشافعي (4/125).

المنتقى من أخبار المصطفى لابن تيمية.