الحمد لله الذي أنزل الكتاب بلسانٍ عربيٍّ مبين، وجعله محفوظًا بحفظه من التحريف والتبديل، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقد كانت الفرقة الشيعية الرافضية على مرّ العصور مصدرًا للفتن والضلال والانحراف عن الإسلام الصحيح، إذ عمدت إلى وضع الأحاديث المكذوبة ونسبتها زورًا إلى رسول الله ﷺ، خدمةً لأهدافها السياسية والعقائدية المنحرفة، وسعيًا منها لتشويه معالم الدين وخلط الحق بالباطل. فليس هؤلاء من جماعة المسلمين، بل هم فرقة ضالة خرجت عن سبيل المؤمنين، خالفت نصوص الوحيين وإجماع الأمة، وابتدعت عقائد فاسدة تمسّ أصل الدين.
ومن أخطر ما وقعوا فيه محاولاتهم الطعن في القرآن الكريم بادعاءات باطلة حول مواضع وآيات، كمسألة البسملة في أوائل السور، التي حاولوا إثارة الشكوك حولها للطعن في جمع الصحابة للقرآن.
وفي المقابل، فإن علماء أهل السنة والجماعة من أئمة المذاهب الأربعة - الشافعية والمالكية والحنفية والحنابلة - قد تناولوا هذه المسألة بعلم وإنصاف، مقرّين بأن الخلاف فيها فقهي مشروع لا يمس أصل الدين، وأن القرآن محفوظ من التحريف، وأن من زعم غير ذلك فقد كفر بما أنزل الله.
ومن خلال هذا المقال نعرض خلاصة أقوال الفقهاء في حكم البسملة في الفاتحة والسور، مع بيان موقف العلماء من اختلافهم، وردّ أباطيل الشيعة الذين ينشرون الأكاذيب والافتراءات حول كتاب الله العظيم.
الحنفية:
البسملَةَ آيةٌ مِنَ القُرْآنِ مقرونة مَعَ السُّوَرِ؛ نَقَلَه عن داود وأبي حَنِيفَةَ، قال: "وهُوَ قَوْلٌ بَيِّنٌ لِمَنْ أنْصَفَ".
نكت وتنبيهات في تفسير القران المجيد جزء 2 صفحة 53
(وَهِيَ) أَيْ الْبَسْمَلَةُ (آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ أُنْزِلَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ، وَلَا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ) ... إلخ
مجمع الانهر في شرح ملتقى الابحر جزء 1 صفحة 95
اختصار اقوال الفقهاء:
قال الشيخ صالح الفوزان حفظة الله في كتابه تفسير سورة الفاتحة ومنزلتها ومكانتها ... صفحة 11:
فالبسملة عند الشافعي آية من الفاتحة، واما الجمهور فالبسملة عندهم ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من سور القرآن، الا التي في سورة النمل فإنها بإجماع العلماء بعض آية من تلك السورة، وذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.
واما في غير ذلك فهي آية مستقلة، وليست خاصة بسورة معينة، ولذا لا يوجد في أي مصحف كتابة رقم (1) عليها سائر السور غير سورة الفاتحة، وذلك لأنها آية مستقلة نزلت للفصل بين السور ولذا يؤتى بها في أول كل سورة الا في اول سورة براءة.
البسملة في الفاتحة:
قال الشوكانى فى باب (ما جاء فى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ):" وقد اختلفوا هل هى آية من الفاتحة فقط، أو من كل سورة، أو ليست بآية؟ فذهب ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وطاوس وعطاء ومكحول وابن المبارك وطائفة إلى أنها آية من الفاتحة، ومن كل سورة غير براءة. وحكى عن أحمد وإسحاق وأبى عبيد وجماعة أهل الكوفة ومكة وأكثر العراقيين، وحكاه الخطابى عن أبى هريرة وسعيد بن جبير، ورواه البيهقى فى [الخلافيات بإسناده عن على بن أبى طالب والزهرى وسفيان الثورى، وحكاه فى] " السنن الكبرى" عن ابن عباس ومحمد بن كعب أنها آية من الفاتحة فقط (2).
وحكى عن الأوزاعى ومالك وأبى حنيفة وداود، وهو رواية عن أحمد: أنها ليست آية فى الفاتحة ولا فى أوائل السور. وقال أبو بكر الرازى وغيره من الحنفية: هى آية بين كل سورتين غير الأنفال وبراءة، وليست من السور، بل هى قرآن مستقل كسورة قصيرة.
وحكى ذلك عن داود وأصحابه، وهو رواية عن أحمد (3).
نظرات في كتاب الله جزء 1 صفحة 129 باب البسملة في الفاتحة
هل الخلاف فيها يصل لحد التكفير؟؟
الاجماع منعقد على عدم تكفير المثبت للبسملة، او النافي لها.
قال الإمام النووي: " وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مَنْ أَثْبَتَهَا وَلَا مَنْ نَفَاهَا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَفَى حَرْفًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ أَثْبَتَ مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذَا فِي الْبَسْمَلَةِ الَّتِي فِي اوائل السور غَيْرَ بَرَاءَةَ وَأَمَّا الْبَسْمَلَةُ فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ النَّمْلِ ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم﴾ فَقُرْآنٌ بِالْإِجْمَاعِ فَمَنْ جَحَدَ مِنْهَا حَرْفًا كَفَرَ بِالْإِجْمَاعِ"
المجموع شرح المهذب – ابو زكريا يحيى بن شرف النووي – ج 3 ص 334
وقد ذكر الحلي أن جاحد البسملة لا يكفر لوجود الشبهة.
حيث قال: "وقد أثبتها الصحابة في أوائل السور بخط المصحف، مع تشددهم في كتبه ما ليس من القرآن فيه، ومنعهم من النقط والتغير، ولا يكفر جاحدها للشبهة"
نهاية الإحكام - الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي - ج 1 - ص 462، وتذكرة الفقهاء (ط.ج) – الحلي - ج 3 - ص 133