تسعى بعض الفرق الضالة، وبالأخص "الشيعة الإمامية"، إلى نشر أحاديث ضعيفة أو منكرة ونسبها إلى الصحابة الكرام لإثارة البلبلة وتشويه سيرتهم. ومن أبرز هذه الشبهات ما يزعمونه حول "رفض ابن عمر رضي الله عنه بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه" بعد استشهاد عثمان رضي الله عنه.

في هذا المقال، سنوضح "حقيقة الروايات، ضعف أسانيدها، موقف ابن عمر، والرد العلمي على الشبهة"، مستندين إلى كتب أهل العلم والتاريخ المعتبرة.

نص الشبهة:

يُزعم أن ابن عمر رضي الله عنه رفض البيعة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد قتل عثمان، ويستند أصحاب هذه الشبهة إلى روايات ضعيفة ومكذوبة من كتب مثل تاريخ الطبري والواقدي.

تقييم الأسانيد:

 1- رواية تاريخ الطبري

نص الرواية:

"لما قتل عثمان رضي الله عنه خرج علي إلى السوق، فبايعه الناس وجاؤوا بسعد فقال علي بايع، قال: لا أبايع حتى يبايع الناس… وجاؤوا بابن عمر فقال بايع، قال: لا أبايع حتى يبايع الناس." (تاريخ الطبري 2/697)

"تحليل السند: " يحتوي على "أبو بكر الهذلي"، وذكر عنه الألباني أنه "متروك" (سلسلة الصحيحة 5/86 رقم 2054)، وذكر الهيثمي أنه "ضعيف جدًا" (مجمع الزوائد 1/280 و5/21).

 2- رواية ابن كثير عن سيف بن عمر الضبي

نص الرواية:

"رجعوا إلى عليّ فألحوا عليه، وأخذ الأشتر بيده فبايعه، وبايعه الناس… وذلك يوم الخميس الرابع والعشرون من ذي الحجة… وكلهم يقول: لا يصلح لها إلا عليّ." (البداية والنهاية 7/254)

 "تحليل السند:" يحتوي على "سيف بن عمر الضبي"، وقد قال عنه:

   يحيى بن معين وابن عدي: "متروك باتفاق"

   الهيثمي: "متروك"

   أبو داود وأبو حاتم: "متروك"

  الحافظ أبو نعيم: "متهم في دينه، مرمي بالزندقة، ساقط الحديث"

  ابن أبي حاتم الرازي: "متروك الحديث يشبه حديث الواقدي"

"الاستنتاج:

" الروايات المستخدمة لإثبات رفض ابن عمر "ضعيفة جدًا أو منكرة" ولا يمكن الاستناد إليها.

موقف ابن عمر رضي الله عنه

ورد في "سير أعلام النبلاء" عن عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر:

"بعث إلي علي، فقال: يا أبا عبدالرحمن إنك رجل مطاع في أهل الشام، فسر فقد أمرتك عليهم. فقلت: أذكرك الله وقرابتي من رسول الله ﷺ وصحبتي إياه، إلا ما أعفيتني، فأبى علي. فاستعنت عليه بحفصة، فأبى. فخرجت ليلاً إلى مكة، فقيل له إنه قد خرج إلى الشام. فبعث في أثري… فسكن."

(سير أعلام النبلاء 3/224، وسنده حسن)

 "توضيح:" لو تأخر ابن عمر في البيعة يومًا أو يومين، فإن ذلك "لا يعني رفضًا دائمًا"، كما أن جميع الروايات المعتبرة تؤكد "دخوله في البيعة لاحقًا".

 الشبهة والرد عليها

 الشبهة:

تزعم بعض الفرق أن "ابن عمر رفض بيعة علي لمدة ستة أشهر"، كنوع من التهويل على موقف الصحابة رضي الله عنهم.

 الرد العلمي:

1- الروايات المستخدمة "ضعيفة جدًا أو منكرة".

2- موقف ابن عمر كان "تأخيرًا مؤقتًا لمراجعة الأمور أو لأسباب شخصية"، وليس رفضًا دائمًا.

3- كل الروايات الصحيحة تؤكد "موافقة ابن عمر وبيعه لعلي رضي الله عنه".

4- أي تأخير صغير كان على عكس روايات الشيعة، الذين يبالغون في مدة التأخير لتشويه الحقيقة.

"الخلاصة:

" لا أساس للشبهة من حيث الواقع التاريخي أو السند الصحيح، وكل ما يُنسب إلى ابن عمر بالرفض الطويل "موضوع مكذوب".

المصادر:

1. "تاريخ الطبري" – الطبري (2/697).

2. "البداية والنهاية" – ابن كثير (7/254).

3. "سير أعلام النبلاء" – الذهبي (3/224).

4. "سلسلة الألباني الصحيحة" – الألباني (5/86 رقم 2054).

5. "مجمع الزوائد" – الهيثمي (1/280، 5/21، 8/98، 10/21).

6. "المغني في الضعفاء" – ابن عدي (1/292).

7. "تهذيب الكمال وميزان الاعتدال" – ابن حزم، ابن الجوزي، المناوي.

8. "المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم" – الحافظ أبو نعيم (1/68، 1/91).