نكار أنس بن مالك رضي الله عنه وتوضيح الواقع

يسعى بعض الفرق الضالة، وخاصة الشيعة الإمامية، إلى تحريف نصوص السنة ونسب أقوال أو أحاديث غير صحيحة للصحابة أو للنبي ﷺ بهدف تشويه سيرتهم وخلق شبهات حولهم. ومن أبرز الأمثلة على ذلك تحريف قصة إنكار أنس بن مالك رضي الله عنه لتضييع الصلاة أو نسب أفعال مغلوطة له أو للصحابة.
في هذا المقال سنوضح حقيقة إنكار أنس رضي الله عنه، سبب تضييع الصلاة، والأدلة الشرعية والتاريخية، مع تصحيح المفاهيم الخاطئة وتقديم الرد العلمي على أي شبهة.

سبب إنكار أنس رضي الله عنه:

روى الحافظ ابن رجب رحمه الله:

"إنما كان يبكي أنس بن مالك رضي الله عنه من تضييع الصلاة: إضاعة مواقيتها. فقد جاء ذلك مفسراً عنه، فروى سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: قال أنس: ما أعرف فيكم اليوم شيئًا كنت أعهده على عهد رسول الله ﷺ، ليس قولكم: لا إله إلا الله [يعني القول باللسان]، فقلت: يا أبا حمزة، الصلاة؟ قال: قد صليتم حين تغرب الشمس، أفكانت تلك صلاة رسول الله ﷺ؟" - فتح الباري لابن رجب (3/56-57)

كما ذكر أن بعض الأمراء، ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي، كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، فكان الناس يصلون الظهر والعصر معًا عند غروب الشمس، وربما كانت صلاة الجمعة عند غروب الشمس أيضًا، فتضيع مواقيتها.

موقف أنس رضي الله عنه:

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

"قوله (قيل الصلاة) أي: قيل له الصلاة هي شيء مما كان على عهد النبي ﷺ، وهي باقية؛ فكيف يصح هذا السلب العام؟ فأجاب بأنهم غيروها أيضًا بأن أخروها عن الوقت ... فتضييع الصلاة الذي قصده أنس رضي الله عنه إنما عنى به ما أحدثه بعض الأمراء من تأخير الصلاة عن وقتها، كما قال تعالى:
﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا" تفسير ابن كثير (5/243)

توضيح الواقع التاريخي:

أنس بن مالك رضي الله عنه كان يشهد على تغير بعض الأمور التي كانت على عهد النبي ﷺ، لكن هذا الإنكار كان للأفعال المخالفة للسنة وليس للصحابة أو الأمة عمومًا.

الحجاج بن يوسف كان أول من أخّر الصلاة عن وقتها في الشام، فاضطر بعض التابعين إلى الصلاة متأخرًا خوفًا من سلطته.

أهل المدينة في ذلك الزمان كانوا أكثر تمسكًا بالسنة، كما يظهر من الروايات المختلفة.

الشبهة والرد عليها

الشبهة:

يدعي البعض أن إنكار أنس رضي الله عنه يدل على عدم التزام الصحابة أو عدم صحة الصلاة، أو أن الرواية تعطي صورة سيئة عن الصحابة.

الرد العلمي:

الإنكار كان على تغيير وقت الصلاة، لا على الصلاة نفسها.

المخطئون في التأخير كانوا من الأمراء الظالمين، وليس من الصحابة أو التابعين بحقهم.

هذا الإنكار يوضح حرص أنس رضي الله عنه على إقامة الصلاة في وقتها، وهو دليل على التمسك بالسنة وليس على التقصير.

المصادر:

فتح الباري بشرح صحيح البخاري ابن رجب الحنبلي (3/56-57).

فتح الباري ابن حجر العسقلاني.

تفسير ابن كثير ابن كثير (5/243).

روايات الإمام أحمد بن حنبل، حماد بن سلمة، ثابت البنان، وأصحاب الطبقات والرجال.