يسعى بعض الفرق الضالة، ومن أبرزها الشيعة الإمامية، إلى نسب أحاديث ضعيفة أو غير صحيحة إلى الصحابة والتابعين للنبي ﷺ بهدف تشويه سيرتهم وخلق شبهات حولهم. ومن الأمثلة على ذلك الحديث المنسوب إلى ابن الزبير رضي الله عنه والذي يتحدث عن امتلاكه مئة غلام يتكلم كل واحد منهم لغة مختلفة. وفي هذا المقال، سنوضح درجة صحة الحديث، حال الرواة، والشبهات المرتبطة به، مع الرد العلمي، بهدف توعية القراء وتحذيرهم من الاعتماد على مثل هذه الأحاديث.
نص الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ:
"كَانَ لابْنِ الزُّبَيْرِ مِائَةُ غُلامٍ يَتَكَلَّمُ كُلُّ غُلامٍ مِنْهُمْ بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِلُغَتِهِ، فَكُنْتُ إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ، قُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ، قُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ."
تقييم السند والرواة
الراوي الأول: أبو حامد بن جبلة
لم يُعثر على ترجمة موثوقة له في كتب الجرح والتعديل.
الحكم عليه بالثقة أو الضعف غير معلوم، مما يجعل الحديث مشكوكًا منذ بدايته.
بقية الرواة:
محمد بن إسحاق الثقفي، أحمد بن سعيد الدارمي، أبو عاصم، وعمر بن قيس: لهم أحاديث صحيحة في مواضع أخرى، لكن الحديث المعتمد على راوٍ مجهول كأبو حامد بن جبلة يبقى ضعيفًا جدًا.
ملاحظة العلماء:
ذكر المستدرك هذا الحديث، لكن الذهبي رحمه الله سكت عنه، وهذا دليل على ضعفه أو عدم تصديقه.
الشبهة المروية
يُستعمل هذا الحديث لدى بعض الفرق المضللة لإظهار ابن الزبير رضي الله عنه بمستوى خارق في اللغات، أو لتبرير بعض المواقف، وكأن الصحابة لديهم قدرات غير بشرية.
الرد العلمي على الشبهة
ضعف السند: وجود راوٍ مجهول يجعل الاعتماد على الحديث غير جائز.
غياب الحديث عن الكتب الموثوقة: الحديث لم يرد في الكتب الستة أو غيرها من مصادر الحديث المعتمدة.
المحتوى مبالغ فيه: الادعاء بأن ابن الزبير كان يتحدث مع مئة غلام كل واحد بلغة مختلفة لا يقبله المنطق، بل هو من باب المبالغة المفرطة.
السياق التاريخي: ابن الزبير رضي الله عنه كان رجلاً فاضلاً، لكن لم يثبت أنه امتلك هذه القدرة الخارقة، وكل ما يروى في هذا الباب ضعيف أو موضوع.
الخلاصة: الحديث ضعيف جدًا، ولا يمكن الاستدلال به.
المصادر:
◘ المستدرك على الصحيحين – الحاكم النيسابوري.
◘ سير أعلام النبلاء – الذهبي.
◘ الجرح والتعديل – ابن أبي حاتم، وكتب الرجال الأخرى.
◘ تاريخ الإسلام والمقاتل – ابن كثير.