الشيعة ووضع الأحاديث الباطلة في الطعن بالصحابة وسمرة بن جندب رضي الله عنه 

 كشف الحقيقة ورد الشبهات بالأدلة

من المعروف عند الباحثين في تاريخ الإسلام أن الشيعة فرقة منحرفة وضالة، خرجت عن جماعة المسلمين، واتخذت طريقًا مليئًا بالأكاذيب والافتراءات على الصحابة رضي الله عنهم. فكلما عجزوا عن إقامة الحجة، لجؤوا إلى اختلاق الأحاديث الباطلة والروايات الضعيفة للطعن في أصحاب النبي ﷺ الذين حملوا الدين وحفظوا السنة.
ومن أبرز ما يُروّجونه من أباطيلهم، اتهامهم لبعض الصحابة بالظلم وسفك الدماء، ومن ذلك ما نسبوه إلى الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه بأنه قتل سبعة وأربعين من حفظة القرآن، بل وصل بهم الحال إلى نسبته إلى سفك الدماء بغير حق، وهي تهمةٌ باطلة من أساسها، لا تصحّ لا من جهة السند ولا من جهة المتن، كما سنبيّن بالدليل القاطع من أقوال أئمة الحديث والتاريخ.

وسنجد أنَّ هذه الروايات لا تثبت بشروط العلم ولا بقواعد الجرح والتعديل، بل إنَّ رجال أسانيدها مجاهيل أو متروكون أو كذابون، وأنَّ ما فعله سمرة رضي الله عنه كان قتالاً مشروعاً ضد الخوارج الذين أمر النبي ﷺ بقتالهم.

وفي نهاية المقال سنطرح الإلزام المنطقي الذي يُفحم أهل البدع: هل يجوز لعليٍّ رضي الله عنه قتال الخوارج، ويُذم سمرة رضي الله عنه إن قاتلهم؟!

تنبيه: اقرأ الإلزام في آخر الرد

جاءت رواياتٌ كثيرةٌ في كتب التاريخ تذكر أنَّ سَمُرَةَ بن جُندُبٍ رضي الله عنه كان يقتل المسلمين، وأنه قتل رجالًا من حُفَّاظ القرآن، وقتل رجلًا وهو يُصلِّي، و...

ومثال ذلك هذه الرواية:

حدثني عمر، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا نوح بن قيس، عن أشعث الحدَّاني، عن أبي سوار العَدَوي، قال: قتل سَمُرَةُ من قومي في غداةٍ سبعةً وأربعين رجلًا قد جمعوا القرآن.

الرد:

على فرض صحة الروايات فأنها تحمل على ما قتله من الخوراج:

يقول الذهبي في ترجمة الصحابي سمرة بن جندب له صحبة ورواية وشرف، ولي إمرة الكوفة والبصرة خلافة لزياد، وكان شديداً على الخوارج وقَتَلَ منهم جماعة، فكان الحسن وابن سيرين يثنيان عليه.

الذهبي: تاريخ الاِسلام، في الجزء المختص بحوادث عهد معاوية، ص 231.

ووصفه في سير اعلام النبلاء: بانّه من علماء الصحابة وهذا يبين كذب ما نسب اليه من قتل الابرياء. ويبين ان الذين قتلهم كانوا من الخوارج ويبين هذا بن عبد البر فيقول في الاستيعاب: كان شديداً على الحَرُورِية، كان إذا أُتي بواحد منهم إليه قتله ولم يُقِله، ويقول: "شرّ قتلى تحت أديم السماء، يُكَفّرون المسلمين، ويَسْفِكُون الدماء".

 انظر مثلاً: الاستيعاب ج 1/197، اسد الغابة ج2/513، الاصابة ج 3/178.

وقال ابن الاثير في حوادث سنة 50 هـ. بعد ان ذكر خروج الازدي وزحاف الطائي بالبصرة وما حصل منهما، قال: (واشتد زياد في أمر الخوارج فقتلهم، وأمر سمرة بذلك، فقتل منهم بشراً كثيراً. الكامل في التاريخ ج 3/404-405 ط. دار المعرفة.

فالحرورية ومن قاربهم في مذهبهم يطعنون عليه وينالون منه.

-وقتله للخوارج مدح له وليس ذما:

فالنبي صلى اله عليه وسلم امر بقتالهم وقاتلهم علي بن ابي طالب واجمع الصحابة على قتالهم في صحيح البخاري رقم: 6418. عن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَوَاللَّهِ لَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خِدْعَةٌ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

وقتله هذا كان أيام ولايته بالبصرة، وانظر إلى معاصريه من المحدثين ما يقولون فيه:

قال ابن عبد البر في الاستيعاب: كان ابن سيرين والحسن وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه ويجيبون عنه. وقال ابن سيرين: في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير.

فإذاً الذين كان يقتلهم هم من الخوارج وهذا الجواب يكون شافياً لما ينقل عنه بانه قتل من حفاظ القران و... وأعلموا ان بعض هذه الروايات ضعيفة.

كالرواية هذه قال الطبري في تاريخه ج 4 ص 176:

فحدثني عمر قال حدثنى إسحاق بن إدريس قال حدثنى محمد بن سليم قال سألت أنس بن سيرين هل كان سمرة قتل أحدا قال وهل يحصى من قتل سمرة بن جندب استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس فقال له هل تخاف أن تكون قد قتلت أحدا بريئا قال لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت أو كما قال.

الرد:

اسحاق بن ادريس: قال حافظ: تركه ابن المديني.

وقال ابو زرعة: واه.

وقال البخاري: تركه الناس.

وقال الدارقطني: منكر الحديث.

وقال ابن معين: كذاب يضع الحديث.

وقال ابو حاتم: ضعيف الحديث.

وقال ابن حبان: كان يسرق الحديث.

وقال محمد بن المثنى: واهي الحديث.

وقال النسائي: بصري متروك.

وقال ابن عدي: له أحاديث وهو الى الضعف أقرب.

لسان الميزان ج 20/41 ترجمة 998 ط مكتب المطبوعات الاسلامية. التاريخ الكبير للبخاري ج 1/382 والتاريخ الصغير ج1/318. والجرح والتعديل ج 2/213. والكامل في الضعفاء ج 1/323. وضعفاء العقيلي ج 1/100. ميزان الاعتدال ج 1/334 ط دار الكتب العلمية.

أبو هلال الراسبي: واسمه محمد بن سليم وفيه ضعف.

أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: كان أبو هلال أعمى فكان لا يحدث حتى ينسب من عنده، قالوا: وتوفي أبو هلال سنة خمس وستين ومائة في خلافة المهدي. الطبقات الكبري لابن سعد.

297 - محمد بن سليم أبو هلال يقال له الراسبى ولم يكن من بنى راسب انما كان نازلا فيهم، كان يحيى بن سعيد لا يروى عنه وابن مهدى يروى عنه وهو مولى سامة بن لؤى من قريش بصرى سمع الحسن وابن سيرين، قال لى محمد بن محبوب مات في ذى الحجة سنة سبع وستين ومائة. التاريخ الكبير للبخاري جزء1

(516) محمد بن سليم أبو هلال الراسبي ليس بالقوي. الضعفاء والمتروكين.

وقال الالباني: فيه لين. السلسلة الضعيفة ج1 ص618

الالــــــــــــــزام:

انظروا للأعداد التي جاءت في قول ان علي بن ابي طالب رضي الله عنه كم الذين قتلهم من الخوارج والسؤال قبل الكلام: هل قتل الخوارج حلال على الامام علي وحرام على سمرة؟

كتاب علي والخوارج (ج1) للسيد جعفر مرتضى العاملي صفحة 196

وجزم المنقري أن الذين قتلوا من المحكمة على قنطرة البردان كانوا خمسة آلاف[1].

وقيل: كانوا ستة آلاف رجع منهم ألفان، وقتل الباقون[2].

وقال أبو وائل: كانوا أربعة آلاف، رجع منهم ألفان، وقتل الباقون[3].

وقال بعضهم: أصح الأقاويل: إن المقتولين كانوا ألفين وثمان مئة[4].

وقيل: ألف وخمس مئة.. وألف وثمان مئة[5].

وعند بعضهم: لم يخطئ السيف منهم عشرة آلاف[6].

ويظهر من بعض النصوص أن هذه الأرقام إنما تتحدث عن الفرسان منهم دون الرجالة[7].

وقد يقال: إن من قال: إن عدد المقتولين كان عشرة الاف.

__________________________________

[1] صفين ص 855.

[2] راجع المستدرك على الصحيحين ج2 ص 150 ـ 52 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 147 وتلخيص مستدرك الحاكم [مطبوع بهامش المستدرك]. وفي هامش الخصائص عن المناقب لابن شهر آشوب ج1 ص 267 والبداية والنهاية ج7 ص 276 و281 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص 167.

[3] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ح4 ص 99.

[4] شذرات الذهب ج1 ص51 والعقد الفريد ج2 ص490 والجوهرة في نسب علي (عليه السلام) وآله ص108 وبهج الصباغة ج7 ص168 و185.

[5] معجم الأدباء ج5 ص264.

[6] البدء والتاريخ ج5 ص 136 و137.

[7] أنساب الأشراف [بتحقيق المحمودي] ج2 ص371.