تحليل الحديث والرد على شبهات الشيعة

يُعَدّ من أخطر ما تقوم به الشيعة الروافض في محاولاتهم لهدم الإسلام وتشويه صورته، هو اختلاق الأحاديث المكذوبة على رسول الله ﷺ وعلى الصحابة الكرام، من أجل الطعن في الخلفاء الراشدين، والتقليل من شأن من جاء بعدهم.
فهذه الفرقة الضالة الخارجة عن جماعة المسلمين، تسعى منذ قرون إلى تشويه التاريخ الإسلامي وتزوير السنن النبوية بما يخدم عقيدتهم الباطلة في “الإمامة الإلهية”، التي لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة الصحيحة.

ومن الأحاديث التي حاولوا استغلالها وتفسيرها على غير وجهها الصحيح، حديث النبي ﷺ:

«خِلافةُ النبوَّةِ ثلاثونَ عامًا، ثم يؤتي اللهُ المُلكَ من يشاء».

وهو حديث ثابت من حيث الأصل والمعنى، لكنّ بعض الزيادات عليه لا تصح، وقد استغلّها بعض الرافضة للطعن في الصحابة الكرام وخاصة معاوية رضي الله عنه.
في هذا المقال نعرض نص الحديث، وتحقيق أسانيده، وبيان علله، مع ردٍّ علمي على شبهات الشيعة وأباطيلهم.

نص الحديث وتحقيق الأسانيد:

روى الإمام أحمد بن حنبل في المسند (5/50 ح20522):

«حدّثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا عفّان، ثنا حمّاد بن سلمة، أنا علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: خلافة نبوة ثلاثون، فقال معاوية: رضينا بالملك».

قال المحققون:

هذا الإسناد ضعيف بسبب علي بن زيد بن جدعان، فقد قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب (401): ضعيف.

وقال الإمام أحمد: ليس بشيء، كما في الكامل في الضعفاء (5/195).

وضعّفه النسائي أيضًا.

ورواه البيهقي في دلائل النبوة (7/138) من طريق آخر فيه مؤمل بن إسماعيل، وهو كثير الخطأ كما قال ابن سعد والدارقطني، وقال عنه البخاري: منكر الحديث، وصرّح الحافظ ابن حجر في التقريب (7029) بأنه صدوق سيّئ الحفظ.

وبهذا يتبيّن أن زيادة قول معاوية رضي الله عنه "رضينا بالملك" لا تصح، وإنّما الحديث صحيح بدونها كما جاءت طرق أخرى صحيحة تثبت أصل الحديث دون هذه الزيادة.

الحديث من طرق أخرى صحيحة

أخرج البيهقي أيضًا عن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:

«إنكم في النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء، ثم يكون ملكًا عضوضًا، ثم يكون ملكًا جبريًا، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة».

قال البيهقي في الخصائص الكبرى (2/197): لما ولي عمر بن عبد العزيز ذُكر له هذا الحديث فقيل له: إنا نرجو أن تكون بعد الجبرية فسرّ بذلك.

أقوال العلماء في معنى الحديث

قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية (6/198):

"هذا الحديث فيه ردٌّ صريحٌ على الروافض المنكرين لخلافة الثلاثة، وعلى النواصب من بني أمية الذين أنكروا خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه".

وبيّن ابن كثير وجه الجمع بين حديث سفينة: «خلافة النبوة ثلاثون عامًا» وبين حديث مسلم: «لا يزال هذا الدين قائمًا ما كان في الناس اثنا عشر خليفة كلهم من قريش»، فقال:

إنّ الأول يشير إلى الخلافة الراشدة، والثاني إلى الملوك العادلين من بعدهم.

وأكد أنّ عمر بن عبد العزيز هو أحد هؤلاء الخلفاء الراشدين العادلين، بل نصّ الأئمة على كونه خليفة راشدًا خامسًا بعد الأربعة.

كما أشار إلى أنّ المهدي المنتظر في آخر الزمان سيكون من هؤلاء الخلفاء على منهاج النبوة، وليس كما تزعم الشيعة في خرافة مهديهم الغائب في سرداب سامراء.

الشبهة والرد عليها

الشبهة:
يزعم بعض الشيعة أن حديث «خلافة النبوة ثلاثون عامًا» يعني أن الخلافة الشرعية انتهت بوفاة علي رضي الله عنه، وأن كل حكم بعده باطل، بل يستدلون بزيادة «رضينا بالملك» للطعن في معاوية رضي الله عنه.

الرد:

الزيادة لا تصح سندًا كما ثبت عند المحدثين، لأنها من رواية ضعفاء كـعلي بن زيد ومؤمل بن إسماعيل.

المتن لا يحتمل الذمّ، بل هو بيان لانتقال الحكم من خلافة إلى ملك دون إنكار ولا اعتراض.

الحديث الصحيح يبشّر بتجدد الخلافة على منهاج النبوة بعد عصور الملك، كما بشّر النبي ﷺ بخلافة عمر بن عبد العزيز ثم المهدي المنتظر الحقّ من أهل البيت.

الشيعة يستغلون كل أثر ضعيف أو مكذوب لتثبيت عقيدة “الإمامة” الباطلة، بينما السنة يقفون على النصوص الصحيحة المروية بإسناد متصل عن العدول الضابطين.

الخاتمة

يتضح من خلال التحقيق أن حديث “خلافة النبوة ثلاثون عامًا” صحيح في أصله، ثابت من طرق متعددة، إلا أنّ زيادة "رضينا بالملك" لا تصح.

كما أنّ الحديث لا يحمل أي طعن في الصحابة أو في من جاء بعدهم، بل هو بشارة نبوية بتعاقب مراحل الحكم الإسلامي من النبوة إلى الخلافة ثم الملك، ثم العودة إلى الخلافة على منهاج النبوة في آخر الزمان.

وأما الشيعة، فقد اعتادوا الكذب على النبي ﷺ وأهل بيته، يختلقون الأحاديث وينسبونها زورًا لتحقيق مآربهم السياسية والعقدية، فحريٌّ بالمسلمين أن يتثبتوا من الأحاديث ولا يأخذوا دينهم إلا من أهل العلم والحديث الموثوقين.

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا

المصادر والمراجع:

مسند الإمام أحمد بن حنبل (5/50، ح20522)

دلائل النبوة للبيهقي (7/138)

الخصائص الكبرى (2/197)

البداية والنهاية لابن كثير (6/198)

تقريب التهذيب لابن حجر (ص401)

الكامل في الضعفاء لابن عدي (5/195)

ميزان الاعتدال للذهبي (2/221)

تهذيب التهذيب (10/381)