تحريف الشيعة لأقوال الصحابة:
أن ابن عمر كان لا يرى بأسًا في إتيان المرأة من الدبر
تسعى فرق ضالة مثل الشيعة إلى وضع أحاديث باطلة أو تفسير مجتزأ لأقوال الصحابة الكرام لتبرير أفكار مخالفة للشريعة الإسلامية الصحيحة. من أبرز محاولاتهم الطعن في أقوال ابن عمر رضي الله عنه حول مسألة إتيان المرأة من الدبر، حيث ينقلون بعض الروايات المبهمة أو الضعيفة على أنها جواز هذا الفعل. هذا المقال يوضح الحقيقة، ويفسر كيف أن أقوال ابن عمر عندما تُفهم في سياقها الصحيح تتوافق مع نصوص النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الروايات النبوية الصحيحة تحرم هذا الفعل حرمة تامة، مؤكدة أن كل محاولات التبرير باطلة ومرفوضة.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال نا معن قال حدثني خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن يزيد بن رومان عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر: أن بن عمر كان لا يرى بأسا أن يأتي الرجل امرأته في دبرها قال معن وسمعت مالكا يقول ما علمته حرام
رواه النسائي في الكبرى (حديث8931).
الجواب:
الرواية عن ابن عمر متعارضة مبهمة تحكي له موقفين. ومن تعارضت أقواله ثم تعارضت مع قول النبي أعرضنا عنها. فلو ثبت عن ابن عمر لكان شاذا ولا اعتبار له في مقابل ما ثبت عن رسول هذه الأمة. ولهذا لم يلق أهل العلم بالا. وأمة الحق لا تترك حكم نبيها لغيره أبدا.
فاجتمع فيما يروى عن ابن عمر:
الابهام ومتشابه مما نرده الى محكم قوله: "أف أو يعمل ذلك مسلم"؟ وذلك عندما سئل عن التحميض يعني إتيان النساء في الدبر.
ونحن قد أمرنا أن نرد ما يتنازع فيه الناس الى الله والى الرسول. وقد تواترت الأحاديث النبوية في النهي عن هذه الجريمة النكراء.
منها:
أن النبي سئل عن إتيان المرأة من الدبر فقال: "هي اللوطية الصغرى" (غاية المرام 234 صحيح الترغيب والترهيب 2425 للألباني ورواه أحمد2/210 من طريق عبد الرحمن عن همام به).
◘ وحديث: "لا تأتوا النساء في ادارهن" (صحيح الترغيب والترهيب 2427 إرواء الغليل 2005 آداب الزفاف 29
◘ وحديث: " ملعون من أتى امرأة في دبرها" (حسنه الألباني صحيح أبي داود1894).
◘ وحديث: لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امراة في دبرها" (الترمذي 1165 بإسناد حسن).
◘ وحديث: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد" (صححه الالباني صحيح ابن ماجة522).
وسئل ابن عباس عن إتيان المرأة في دبرها فقال: "تسألني عن الكفر؟ (قال الحافظ: إسناده قوي. التلخيص الحبير 3/181)
وسئل أبو الدرداء عنها فقال: وهل يفعل ذلك إلا كافر؟ (أخرجه في زوائد المسند 2/210 وهو صحيح.).
وهو شبيه بقول ابن عمر: "أف، هل يفعل ذلك مسلم؟
وبعد كل هذه الروايات وبعد الاجماع الذي حكاه النووي وابن كثير وابن قدامة والبيهقي في تحريم إتيان المرأة من الدبر تكون كل جهود الرافضة في إثبات جوازه من عندنا قد ذهبت أدراج الرياح.
وأصح منه جاء نصا صريحا عن ابن عمر بتحريم ذلك.
وأمرنا أيضا ان نرد متشابه ما يروى إلى محكم ما يروى. وإليكم محكم وصريح ما رواه المسانيد والسنن عن ابن عمر:
فعن سعيد بن يسار أبي الحباب قال «قلت لابن عمر ما تقول في الجواري حين أحمض لهن قال وما التحميض فذكرت الدبر فقال هل يفعل ذلك أحد من المسلمين» (رواه الدارمي في سننه1/277).
وفي لفظ آخر: «قلت لابن عمر إنا نشتري الجواري فنحمض لهن قال: وما التحميض؟ قلت: نأتيهن في أدبارهن قال: أف أوَيفعل ذلك مسلم؟».
قال الألباني:
«وسنده صحيح وهو نص صريح من ابن عمر في إنكاره أشد الإنكار إتيان النساء في الدبر. فما أورده السيوطي في أسباب النزول وغيره في غيره مما ينافي هذا النص: خطأ عليه قطعا فلا يلتفت إليه»
(آداب الزفاف ص29).
وهذا يبطل الروايات المبهمة الأخرى.
ولو قلنا إنه كان فعلا يقول بذلك فعندنا استدراك ابن عباس عليه إذ قال: «قال ابن عمر – والله يغفر له – أوهم، إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى شري أمرهما فبلغ ذلك رسول الله فأنزل الله عز وجل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد»
(سنن أبي داود 2164 وعند الألباني صحيح أبي داود رقم 1896).
ويظهر أن كلام ابن عمر قد أسيء فهمه. مثلما رواه البخاري:
عن نافع قال كان ابن عمر رضى الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه، فأخذت عليه يوما، فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال تدري فيما أنزلت. قلت لا. قال أنزلت فى كذا وكذا. ثم مضى (البخاري 4526).
وفي رواية: "يأتيها في..." (البخاري 4527).
والبخاري لم يذكر المجرور تنزها. مع أنه جائز للعلم به. وكأنها إشارة منه إلى إبهام النص وخطأ ما ظنه الراوي عن ابن عمر، فتوقف فيما أبهم عنده.
قال ابن القيم:
"ومن هاهنا نشأ الغلط على من نقل عنه الإباحة من السلف والأئمة، فإنهم أباحوا أن يكون الدُّبر طريقاً إلى الوطء في الفرج، فيطأ من الدبر لا في الدبر، فاشتبه على السامع "من" ب "في" ولم يظن بينهما فرقاً، فهذا الذي أباحه السلف والأئمة، فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وأفحشه.
ولهذا كان حديث جابر مفسر وكلام ابن عمر مجمل، وإذا تعارض المجمل والمفسر قدم المفسر. ولكن لابن عمر كلام مفسر يبطل الشبهة. ولكن لابن عمر كلام مفصل صحيح الاسناد أيضا. ولا يمكن أن يقدم على هذه الرواية ما روي بأسانيد أضعف منه وبمتون غير قطعية الدلالة.
ومن هذه الروايات الضعيفة السند ظنية الدلالة:
عن النضر بن عبيد الله أبو غالب الأزدي حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر ﴿نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم﴾ قال: «إن شاء في قبلها وإن شاء في دبرها».
وقد طعن الذهبي في السند فقال «هذا شيخ ليس بعمدة تفرد عنه عامر بن إبراهيم الأصبهاني وهو النضر بن عبيد الله» (ميزان الاعتدال 7/32).
مع ان الرواية شبيهة بقول النبي: "أقبل وأدبر واتق الحيضة والدبر".
كل هذا يؤكد أن هذا ما أسيء فهمه عن ابن عمر كما بينه ابنه سالم بن عبد الله بن عمر. بل الروايات الصحيحة دالة عنه تؤكد خلاف ما زعموه عنه.
قال ابن كثير:
«رواه ابن وهب وقتيبة عن الليث به وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك. فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل، فهو مردود إلى هذا المحكم»
(تفسير ابن كثير 1/773).
شبهة أخرى:
واحتجوا بما رواه الطبري عن ابن عمر ونصه:
حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال أخبرنا ابن عون عن نافع قال: «كان ابن عمر إذا قرئ القرآن لم يتكلم. قال: فقرأت ذات يوم هذه الآية ﴿نساؤكم حرثٌ لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم﴾ فقال: أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت: لا. قال: نزلت في إتيان النساء في أدبارهن». وفي لفظ «أن يأتيها في دبرها» وفي لفظ آخر: «في الدبر»
(تفسير الطبري 4/403).
قلت: وهذا أيضا مبهم ومجمل لا يغلب قول ابن عمر عندما سئل عن التحميض فقال: «وهل يفعل ذلك مسلم؟». بل لا يتمسك به مع معرفته بصحة الأحاديث النبوية المحرمة له إلا زائغ.
ومعنى كلام ابن عمر أن موضوع الآية نزل حول موضوع إتيان النساء في الدبر.
وإن لم يكفهم هذا كفيناهم بما صح عن ابن عمر وهو قوله «وهل يفعل ذلك مسلم؟».
وطريقة أهل الزيغ وعديمي الإنصاف الإعراض عن صريح الكلام ومفصله والعدول عنه إلى مجمله ومبهمة.