من أكثر الوسائل التي استخدمها الشيعة – الفرقة الضالة الخارجة عن الإسلام – لترويج أفكارهم المنحرفة، هي اختلاق الأحاديث المكذوبة ونسبتها إلى النبي ﷺ زورًا وبهتانًا، بغرض إظهار أهل البيت رضي الله عنهم في صورة تخدم أهواءهم ومعتقداتهم الباطلة.
ومن بين هذه الأحاديث المنتشرة حديثٌ مكذوب يُروى عن أبي الحمراء، يزعم أنه شهد النبي ﷺ مدة ثمانية أشهر يمرُّ كل يوم على بيت فاطمة وعلي رضي الله عنهما ويقول:
«الصلاة يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا».
وفي هذا المقال نُبيِّن حقيقة هذا الحديث من حيث السند والمتن، ونكشف ضعف رواته، ونُوضِّح كيف أن هذه الرواية من اختلاقات الغلاة في التشيع، لا تثبت عن رسول الله ﷺ.
نص الحديث كما ورد في "ذخيرة الحفاظ":
قال الإمام ابن القيسراني رحمه الله في كتابه ذخيرة الحفاظ (ج 3 / ص 1505 – 1506):
"3326 - حديث: شهدت مع رسول الله ﷺ ثمانية أشهر، إذا خرج إلى صلاة الغداة أو قال: إلى الصلاة، مرَّ بباب فاطمة عليها السلام، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمكم الله، ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾.
رواه يونس بن خباب، عن نافع، عن أبي الحمراء.
ويونس ضعيف، وكان من الغلاة في التشيع، وكان ممن يحمل على عثمان رضي الله عنه."
تحليل السند وبيان ضعفه:
هذا الإسناد واهٍ جدًا من عدة وجوه، نذكر أبرزها:
1) يونس بن خباب:
◘ قال ابن القيسراني: "ضعيف، وكان من الغلاة في التشيع".
◘ وقال ابن حبان: "كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات".
◘ وقال الذهبي في الميزان: "شيعي غالٍ".
النتيجة: الراوي متروك الحديث ولا يُقبل في الرواية مطلقًا.
2) نافع مولى ابن عمر:
ثقة ثبت، لكن روايته هنا عن أبي الحمراء منكرة لا تُعرف إلا بهذا الطريق الضعيف.
3) أبو الحمراء:
يقال اسمه هلال بن الحارث، ويُعدُّ من الصحابة على الراجح، لكن لا يصح عنه أنه روى مثل هذا الحديث.
كما أن بعض طرقه الأخرى التي جاءت في مسند عبد بن حميد والكامل لابن عدي كلها تدور على نُفيع بن الحارث (أبو داود السبيعي) أو يونس بن خباب، وكلاهما ضعيف جدًا.
أقوال العلماء في تضعيف الحديث:
قال الإمام ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ:
"ويونس ضعيف، وكان من الغلاة في التشيع، وكان ممن يحمل على عثمان رضي الله عنه."
وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء (8/329):
"[فيه] نفيع بن الحارث، وهو في جملة الغالين بالكوفة."
وقال أبو داود كما في ترجمته:
"هو نفيع بن الحارث النخعي الكوفي القاص الهمذاني الأعمى، قال البخاري: يتكلمون فيه، وقال النسائي: متروك، وقال ابن حبان: لا تجوز الرواية عنه."
كل هذه الأقوال تدل على أن جميع طرق هذا الحديث لا تخلو من كذابٍ أو متروكٍ أو متهمٍ بالتشيع الغالي، مما يجعله حديثًا موضوعًا لا أصل له.
الرد على الشبهة:
يزعم الشيعة أن هذا الحديث دليل على أن النبي ﷺ كان يخصص عليًّا وفاطمة والحسن والحسين بالدعاء والزيارة اليومية، وأن قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ نزلت فيهم وحدهم.
لكن الرد العلمي عليهم يكون كالتالي:
1) الحديث لا يصح سندًا، لأنه من رواية كذابين وغلاة في التشيع.
2) السياق القرآني للآية يثبت أنها نزلت في نساء النبي ﷺ، لأن الضمائر في الآيات قبلها وبعدها كلها مؤنثة.
3) لم يثبت عن النبي ﷺ ولا عن أحد من الصحابة الثقات مثل هذا الفعل اليومي، ولو كان ثابتًا لنُقل إلينا بالتواتر.
4) هذا الأسلوب هو من وضع الشيعة الذين يسعون لتقديس علي وفاطمة رضي الله عنهما دون بقية أهل البيت والزوجات الطاهرات.
المصادر والمراجع:
1) ذخيرة الحفاظ – ابن القيسراني (ج 3 / ص 1505 – 1506).
2) الكامل في الضعفاء – ابن عدي (8 / 329).
3) ميزان الاعتدال – الذهبي (ج 4 / ص 506).
4) الضعفاء والمتروكون – ابن الجوزي (ج 2 / ص 19).
5) لسان الميزان – ابن حجر (ج 7 / ص 49).
6) مسند عبد بن حميد – (ج 1 / ص 173).
7) سير أعلام النبلاء – الذهبي (ج 1 / ص 359).